الأحد، 9 أكتوبر 2016

الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر

الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر
بقلم: أ. أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   إن الاستراتيجية تجاه الشرق الأوسط لم تكن وليدة أحداث 11 سبتمبر 2001م، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية لها استراتيجية محكمة اتجاه المنطقة، وبالرغم من ارتكاز الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط على مجموعة من الثوابت تتمثل بالتحكم بالنفط والسيطرة عليه والحفاظ على أمن إسرائيل وحماية المصالح الأمريكية الأخرى، إلا أن عالم ما بعد 11 سبتمبر قد أفرز أهداف أمريكية جديدة في المنطقة، ما أدى إلى تغيير وسائل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط نحو الاستخدام المباشر للقوة العسكرية لحماية هذه الأهداف والحفاظ عليها أو لتحقيق أهداف جديدة أصبحت من صميم هذه الاستراتيجية في المنطقة.
   تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، نقطة حاسمة في إعادة صيغة الاستراتيجية الأمريكية في العالم الإسلامي بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، حيث عدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأنها محطة عبور بين نظاميين دوليين مختلفين، عبور نظام ما بعد الحرب الباردة إلى النظام الجديد، نظام ما يسمى (بالحرب على الإرهاب).
وعلى هذا الأساس كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، متغيراً مؤثر على الاستراتيجية الأمريكية العالمية بشكل عام والاستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بشكل خاص، بحيث أفرزت هذه الأحداث واقع القوة العسكرية كقوة تضبط الأوضاع وإيقاعها على النغمة الأمريكية. وبفعل ما يسمى الحرب على الإرهاب صارت الولايات المتحدة الأمريكية تسوق يومياً للجغرافية السياسية الجديدة التي تنوي فرضها على العالم بالقوة العسكرية لتحقيق أهدافها وهيمنتها، إذ جاء السعي الأمريكي الحثيث لوضع استراتيجية تمكن الولايات المتحدة الأمريكية من ترتيب الأوضاع الدولية لصالحها، فأصدر بوش الابن إعلان الحر على ما يسمى "بالحرب على الإرهاب"، حيث كانت نقطة بداية الاستراتيجية الأمريكية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لتوسيع رقعة الهيمنة الأمريكية.
   فمنطقة الشرق الأوسط ليست الميدان الذي تظهر فيه الولايات المتحدة الأمريكية قوتها وتجرب أسلحتها فقط لكنها الموقع الذي تعمم منه الولايات المتحدة الأمريكية لصيغة جديدة للنظام العالمي الجديد. وما يسمى "بالحرب على الإرهاب" ليست إلا ذريعة تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية للجوء إلى القوة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط في هذا الصدد يقول (دانيال بأبيس) إن الأصوليين الإسلاميين يتحدون الغرب بقوة وعمق أكبر مما فعله الشيوعيون فهؤلاء يخالفون سياساتنا، ويقول (إدوارد ديجريجيان) مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى "الولايات المتحدة بوصفها القوة العظمى الوحيدة الباقية والتي تبحث عن إيديولوجية لمحاربتها يجب أن تتجه نحو قيادة حملة صليبية ضد الإسلام"، وهو التعبير نفسه الذي استخدمه بوش الابن في بداية الحملة الأمريكية الجديدة على العالم الإسلامي والتي بدأت بأفغانستان والعراق. حيث باتت دول الشرق الأوسط بنظر أمريكا البيئة التي تنمو فيها من يسمونه أمريكياً "بالجماعات الإرهابية" وملاحقة هذه الجماعات ومن يحاولون مساعدتها سواء عن قصد أو غير قصد وسواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
   إذا هذه الرؤية كانت قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهو ما يؤكد أن التطورات كانت معدة والأفكار جاهزة وكانت تنتظر لحظة إخراجها المسرحي إلى الوجود وجاءت أحداث سبتمبر لتكون الفرصة السانحة لظهور هذا المخطط. وكما هو واضح فإن البعد واضح في الرؤية الأمريكية التي عبر عنها ساسة ومفكرون بشكل واضح في كتاب مهم عنوانه (أمريكا والإسلام السياسي صدام ثقافات أو صدام مصالح). في ظل حال الاضطراب وعدم الاستقرار التي تهيمن على منطقة الشرق الأوسط يسعي (مارتن أنديك) مدير مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط بمؤسسة بروكنجز ، وتمارا كوفمان مسئولة برنامج الإصلاح في العالم العربي في مركز سابان في وضع استراتيجية بناءة لإعادة التوازن في منطقة الشرق الأوسط. وذلك في إطار سلسلة ما يعرف "فرصة ما بعد 2008" التي تهتم بوضع استراتيجيات وسياسات للرئيس الأمريكي الحالي. وقد ركزت دراسة حملت عنوان "إعادة التوازن في الشرق الأوسط ... نحو استراتيجية بناءة للاحتواء" على عدة قضايا من أجل إعادة رسم الشرق الأوسط بما يتناسب والاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
   كما تتداعي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة أن مهمتها نشر الديمقراطية والسلام العالمي، لكنها لا تعتمد على مصداقية وعقلانية في نشرها بقدر ما تستخدم القوة. فالتطلع للسلام العالمي تستدعي الانفتاح والحوار والتعاون بين الأمم، في حين لا تمارس الاستراتيجية الأمريكية سلاماً ولا تقيم اعتباراً لقضايا السلام العالمي، بل أنها في واقع الحال تمارس الحرب المستمرة تحت دعوى السلام.



الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

الشراكة الأورو – متوسطية

الشراكة الأورو – متوسطية
بقلم: أ. أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   أدركت الدول الأوروبية أن أمنها لم يعد مقتصراً على بعده الداخلي، كما لم يعد يقتصر على الحدود الجغرافية بين بلدان متجاورة، بل أصبح مفهوماً يتسع ليشمل مجمل المحيط الـــ (جيوسياسي) (الجيوبوليتيك)، ما يعني أن عدـم استقرار الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي سوف تنعكس آثاره السلبية بشكل واضح ومباشر عليها. وأدركت كذلك أن مصالحها باتت مختلفة مع المصالح الأمريكية في المنطقة العربية المطلة على البحر المتوسط، وتأكد هذا الاختلاف من خلال التهميش الذي قصدته الولايات المتحدة الأمريكية للدور الأوروبي في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. وكانت أوروبا قد بدأت في عملية واسعة من أجل تقييم سياستها مع الدول المجاورة لها والمؤثرة فيها، وخاصة تلك الدول المطلة على شرق البحر المتوسط وجنوبه، وبدأ ذلك واضحاً في بيان قمة المجلس الأوروبي الذي عقد في لشبونة خلال حزيران / عام 1992 متضمناً التأكيد على أن الضفتين الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط تشكل مناطق جغرافية يرتبط فيها الاتحاد الأوروبي بمصالح حيوية، تتمثل في الحفاظ على الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
   كما دعا المجلس الأوروبي الذي عقد باليونان خلال تموز / عام 1994 اللجنة الأوروبية لوضع ورقة عمل حول المبادئ الأساسية لسياسة أوروبية متوسطية، وفي كانون الأول / عام 1994 أقرت القمة الأوروبية التي عقدت في ألمانيا ورقة العمل المقدمة من اللجنة الأوروبية للاتحاد التي أعدت لتضع أساساً عاماً لسياسة أوروبية متوسطية.
   ونتيجة للتهميش الأمريكي لدور الاتحاد الأوروبي في العملية السلمية في الشرق الأوسط، بدأت انطلاقة جديدة للاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط من خلال المؤتمر الذي أنعقد في برشلونة في شهر تشرين الثاني / 1995 إذ حاول الاتحاد الأوروبي، الذي غيب عن مشروع الشرق الأوسط الذي دعمته الولايات المتحدة ’’إسرائيل’’، الذي وجد نفسه خارج إطار أي دور له في القضية الفلسطينية، أن يطور علاقته مع الدول العربية من خلال مشروع الشراكة لدول المتوسط، لكي يؤمن له لعب الدور الذي يريده في الشرق الأوسط على أساس أن الشراكة سوف تحقق لأوروبا الفرصة لإعادة رسـم الخريطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط من خلال لعب دور في عملية السلام، تتناسب مع موقعه ومصالحه في المنطقة، خاصة أن أوروبا تعتمد بشكل كبير على النفط العربي.... لهذا فقد دعا الاتحاد الأوروبي الدول العربية المطلة والقريبة من البحر الأبيض المتوسط، إلى عقد مؤتمر في العاصمة الكاتلانية برشلونة في / 27 - 28 تشرين الثاني 1995، وتمخض المؤتمر عن التوقيع على اتفاقية الشراكة للبحر المتوسط، للتعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ووقع عليها إلى جانب الاتحاد الأوروبي كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان والسلطة الوطنية الفلسطينية والمغرب وتونس والجزائر وتركيا وقبرص ومالطة و’’إسرائيل’’، وعلى الرغـم من أن الاتفاقية على الصعيد الاقتصادي، إلا أنها أتاحت كذلك تقوية الموقف العربي–الأوروبي على الصعيد السياسي، وخاصة الدور الأوروبي في دعم مسيرة السلام، وتقديـم الدعـم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية، وتدجين الموقف الإسرائيلي المعادي للدور الأوروبي.
   وسعى الاتحاد الأوروبي من خلال الشراكة الأورو–متوسطية، إلى دمج (إسرائيل) في محيطها، بحيث تندمج مطمئنة إلى هوية نصف شرق أوسطية ونصف أوروبية، كما تحقق أوروبا، وخصوصاً فرنسا وألمانيا، رغبتها في إضعاف وجود الولايات المتحدة الأمريكية ودورها في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وفي إبقائها بمنأى عن أثارها الاقتصادية والثقافية والعسكرية وبالتالي السياسية.
   ونتج عن اتفاقية الشراكة الأور-متوسطية، زيادة الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للقضية الفلسطينية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، حيث كانت السلطة الفلسطينية أحد أطراف الاتفاقية، وبالتالي أدى ذلك إلى اعتراف الاتحاد بحق الفلسطينيين بأن يكون لهم كيان مستقل، له شرعية التوقيع على الاتفاقيات التي تدعم قضاياهم، وتجعل منهم دولة شرق أوسطية على اتصال بالمنظومة الأوروبية.
   إن مخاطر مشروع الأورو–متوسطية على الأمن القومي العربي تبدو جلية، من خلال تعامل الاتحاد الأوروبي مع الدول العربية كل على حدة، وتقطيع أوصال الوطن العربي الواحد، وتكون (إسرائيل) صاحبة الامتياز والقادرة على فرض الشروط التي تتماشى مع سياستها، فالسياسة الأوروبية لا تختلف عن السياسة الأمريكية من حيث النفعية والتحيز لــ (إسرائيل) وازدواجية المعايير، فاستبعاد ليبيا وهي دولة متاخمة للبحر المتوسط، وضم الأردن وهي دولة غير متوسطية إلى النظام الإقليمي لدليل قاطع على أن تحديات كبيرة تواجه مستقبل الأمن القومي العربي.
   بالإضافة إلى ذلك فإن العرب لـم يحققوا أهدافهم من هذه الشراكة، بسبب عدم الوصول إلى صيغ من التفاهم مع الأوروبيين، لأنه من الصعب أن تكون الشراكة فعاله في ظل ظروف عدم التكافؤ والتوازن بين أطرافها لاسيما في ظل وجود طرف عربي ضعيف، وما يترتب على هذا الضعف من سلبيات تحول دون الشراكة الحقيقية المطلوبة.






الجمعة، 20 مايو 2016

دور المحاسبة القضائية للتصدي لعمليات غسل الأموال

دور المحاسبة القضائية للتصدي لعمليات غسل الأموال
 The Role of Judicial Accounting in Addressing Money Laundering Operations
إعداد الباحث:
                                    أ. أيمن هشام عزريل
Ayman H. Uzrail
طالب دكتوراه محاسبة
مديرية التربية والتعليم-سلفيت
إيميل المراسلة: uzrail@hotmail.com
المقدمة:
   يشهد عصرنا الحالي ثورة هائلة من التقدم العملي بشتى صوره وأشكاله، والتي بلا شك ذات تأثير على مختلف نواحي الحياة, والجريمة المالية هي إحدى الصور ذات الصلة الوطيدة بهذه التطورات, وجريمة غسل الأموال هي جريمة تهدد النمو الاقتصادي للبلدان باعتبارها من الجرائم الاقتصادية التي تعد أكثر خطورة والتي ترتبط عادة بالجريمة المنظمة؛ لما لها من تأثيرات سلبية وخصوصاً على الدورة الاقتصادية لأي بلد، فالجرائم الاقتصادية لا تنطوي على أدلة واضحة كدخان البندقية، كما هو واضح في جرائم القتل فالمحاسبة القضائية بشكل عام تنظر إلى ما وراء الصفقات والتحقيق ما وراء الأرقام. (جميل، 2012، ص 81).  
   وباتت المحاسبة كعلم من العلوم الاجتماعية أحد الأدوات الهامة التي تلبي احتياجات المستفيدين، ولقد تعددت فروع المحاسبية حتى أصبح ما عليه الآن، ومع تنامي الاحتياجات ظهرت فروع معرفة محاسبية أخرى وإن كانت لم تلق بعد الاهتمام الكافي. (سامي، 2002، ص 139).
   وهذا المجال الحديث للمحاسبة يعرف بالمحاسبة القضائيةForensic Accounting) ) ويشير مصطلحForensic) ) إلى التشريعية، ويعد هذا الاتجاه مقبولاً ومتعارفاً عليه قانونياً، حيث يختص بمعرفة الأساسيات القانونية بجانب المعرفة بالفروع الأخرى للمحاسبة والمراجع. والعلم القضائي هو تطبيق للقانون، حيث يتناول فحص وتفسير الدليل والحقائق وفقاً لأحكام القانون وقد زاد الاهتمام بمجال القضائية في أواخر الثمانيات زيادة ملحوظة. (السيسي، 2006، ص 42).
   وبناءً على ذلك كانت الحاجة إلى المحاسبة القضائية لما لها دور مهم للكشف والتصدي لهذه العمليات والجرائم الاقتصادية الأخرى لما تمتلكه من القدرات والتحقيق وتدريب المحاسبيين القضائيين، وتبرز أهمية المحاسبة القضائية في أنها أحد المجلات الهامة والحديثة التي تحمل فرصاً عديدة لاحتياجات المستقبل، وتحدد المهارات المطلوبة والمتطلبات الأساسية في المحاسب القضائي, كما أنها تمثل إطاراً متكاملاً للمحاسبة والقانون للعمل معاً على تقديم تحريات أكثر عمقاً وأكثر ارتباطاً بالدعاوي القضائية حيث تيسر الطريق للمحاسب القضائي لكي يكون مستشاراً قضائياً على مستوى عالي، تعمل على إعداد محاسب قضائي قادر لكي يكون خبيراً وفاحصاً ومستشاراً فعالاً يقوم بإجراء تحريات على أقصى دقة وشمولاً وعمقاً من المراجعة الخارجية، وتقديم تقرير مدعم بالأدلة القانونية الكافية التي تساعد على تأييد الدعاوي القضائية، وتنوير القضاء ومساعدته على إقرار الحق وتحقيق العدالة. (أحمد، 2013، ص 2).
   احتلت قضية غسل الأموال أهمية كبيرة على الساحة الاقتصادية العالمية خلال الفترة الأخيرة إدراكاً لتأثيراتها السلبية على الاستقرار الاقتصادي، وخاصة على مناخ الاستثمار المحلي والدولي ولذلك يتزايد الاهتمام بها وبسبل مواجهتها من قبل الدول والمنظمات الدولية والمراكز المالية الكبرى، إذ تهدد هذه الظاهرة الاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاد الدول النامية ومن بينها الدول العربية. (وهيب، 2013، ص 40).
الدراسة:
مفهوم المحاسبة القضائية:
   لقد ظهرت في مجال الفقه المحاسبي محاولات عده لتطوير المحاسبة والمعلومات المحاسبية وكان أبرزها التي نادت بالربط بين المحاسبة والقانون من جهة وبين احتياجات القضاء من المعلومات المحاسبية من جهة أخرى. من هنا أطلقت الدعوات في عدد من البلدان المتقدمة حول الحاجة إلى الخدمات حول الحاجة إلى الخدمات المحاسبة القضائية، وهذا المفهوم الجديد يختلف عن المحاسبة القانونية الذي تماريه الأجهزة الحكومية الرسمية أو مكاتب مراقبي الحسابات والمحاسبين القانونين في القطاع الخاص فمخرجات المحاسبة القضائية تقارير ترشد القضاة في إصدار الأحكام بحق الأطراف المعنية. (جميل، 2012، ص 83).
المحاسبة القضائية:
   هي مجال من مجالات المحاسبة التي تقوم على أساس المعرفة المتكاملة بكل من أساسيات المحاسبة والمراجعة ومهارات تحريات معرفة الأمور القانونية، وهي تركز الفحص الماضي لإلقاء نظرة على المستقبل، وتزداد الحاجة إليها عند وجود شكوك مهنية ودعاوي قضائية تطلب الإدراك برأي مهني مستقل وتقديم تقرير يساعد على تأييد الدعاوي القضائية، وتنوير القضاء ومعاونيه على إقرار وتحقيق العدالة. (السيسي، 2006، ص 44).
تستمد المحاسبة القضائية أهميتها كونها (السيسي، 2006، ص44):
1. أحد المجالات الهامة والحديثة التي تحمل فرصاً لاحتياجات المستقبل وتحدد المهارات والمتطلبات الأساسية في المحاسب القضائي.
2. تمثل تطوراً متكاملاً للمحاسبة والقانون للعمل معاً تقديم تحديات أكثر عمقاً وأكثر ارتباطاً بالدعاوي القضائية حيث تيسر الطريق للمحاسب القضائي لكي يكون مستشاراً قضائياً على مستوى عالمي.
3. تبحث في الماضي وتذهب فيما وراء الحقائق، وتفتح الأبواب لمزيد من البحوث والدراسات العلمية.
4. تساعد على إعداد محاسب قضائي فعال يعتبر فاحصاً أو خبيراً أو مستشاراً يقوم بإجراء تحريات أكثر عمقاً وشمولاً ودقة من تحريات المراجعه الخارجية، وتقديم تقرير مدعم بالأدلة القانونية الكافية التي تساعد على تأييد الدعاوي القضائية وتنوير القضاء ومساعدته على إقرار الحق وتحيق العدالة.
   تعدد المجالات التي تتطرق لها المحاسبة القضائية؛ فإنه من ينخرط في هذا المجال لا بد أن يكون له مقومات مجددة وسمات مميزة ومستوى عالي من المهارات، ولا بد أن يكون ذو فكر بحثي واستكشافي، فلا يتقيد بمجال محدد، بل لدية نظرة ثاقبة ومهارات فكرية عالية مثل الحصانة والفراسة والبصرية والإبداع، لدية الرغبة في التقصي، والقدرة على ربط الأشياء والحقائق بعضها البعض. بالإضافة إلى ما سبق فإن من سمات المحاسب القضائي أن يكون لدية القدرة على التفكير في الأمور بشكل متكامل. (سامي، 2002، ص 141).
   وأشار بعض الباحثين أن على المحاسب القضائي الإلمام ببعض المعرفة والثقافات ومنها (سامي، 2002، ص 141):
·        معرفة أساليب الاحتيال والخداع.
·        معرفة بالقواعد الأساسية للقانون.
·        الإلمام بأهم قواعد وأدلة الإثبات.
·        خلفية عامة عن نظريات علم النفس مهارات في تقنية المعلومات.
·        المهارات في تقنية المعلومات.
كما يتعين على المحاسب القضائي أن يكون ملماً بالموضوعات والأمور التالية:
·        المهارات السلوكية والإدارية.
·        التخطيط الاستراتيجي والموازنات التقديرية.
·        الائتمان والتحصيل.
·        خدمات العملاء.
·        الموارد البشرية.
·        مناهج وأساليب ونظم الإدارة .
·        السياسات والإجراءات والمعايير.
·        التنظيم وإدارة العمليات.
·        إدارة المشتريات والمخاطر.
   كما أن المحاسب يحتاج إلى خلفية علمية وعملية بالمبادئ والمعايير المحاسبية، بالإضافة إلى دراسة واعية لفروع المحاسبة الأخرى، وتوافر بعض السمات الخاصة مثل منهجية حل المشاكل، والقدرة على التفكير الإبداعي، لما لا شك فيه أن هذه المهارات والخبرات سوف تساعد المحاسب على تحديد الأسباب والعوامل المؤثرة على حل المشاكل، وتحديد بدائل التي يمكن طرحها واحتمالات حدوث كل منها.
   ويركز دور المحاسب القضائي بصفة أساسية في إعداد وتصنيف وفحص المعلومات لدعم وتوجيه الأمور القانونية ومراجعة عمليات الاحتيال والخداع. (سامي، 2002، ص 142).
   أن المحاسبة القضائية علم من علوم المحاسبة الحديثة حيث بإمكانها التقليل من عمليات الغش وغسل الأموال بتأهيل قسم المحاسبين القانونين من خلال إبداء رأي المحاسب القضائي حيث أن دوره يكون مكمل للمحاسب القانوني.
ويمثل الشكل التالي متطلبات التأهيل للمحاسب القضائي:

رسم توضيحي(1): متطلبات التأهيل لمحاسب قضائي (شبلي عبد الحسين، 2013: دور الحكومة والمحاسبة القضائية في الحد من الفساد المالي والإداري وقائع المؤتمر العلمي لكلية الإدارة والاقتصاد، ص 193).
الفرق بين المحاسبة القضائية والمراجعة الخارجية:
   إن عمليات المراجعة ليست عملية مثالية، حيث يوجد احتمال لعدم اكتشاف بعض المخالفات والأخطاء حتى في ظل أفضل أداء ممكن لإجراءات المراجعة التي تتطلبها المعايير المهنية وعلية يمكن التمييز بين المحاسبة القضائية والمراجعة القضائية من خلال الجدول التالي:
وجه المقارنة
المحاسبة القضائية
المراجعة القضائية
الهدف
تحديد المناطق غير القانونية والمشكوك فيها والتي تمثل البيئة المساعدة على الغش
تقديم تقرير يوضح رأي فني محايد عن حقيقة النشاط، ومدى صدق وعدالة القوائم المالية
النطاق
أكثر عمقاً وأقل اتساعاً
أكثر اتساعاً وأقل عمقاً
المهارات المطلوبة
مهارات متخصصة ومتكاملة لكل من المحاسبة والمراجعة والمعرفة القانونية وإجراءات التقاضي أمام المحاكم
المهارات المطلوبة لإعداد القوائم المالية وكتابة التقارير المعبرة عن الرأي الفني المحايد ومصداقية نتائج النشاط وعرض المركز المالي

الأساليب والإجراءات
أكثر عمقاً باستخدام مجموعة من الأدوات والأساليب والبحث عن ما وراء الأرقام المنشورة عن نشاط الوحدة
أقل عمقاً باستخدام المعايير والقواعد والمبادئ المحاسبية
المعرفة القانونية
تتطلب معرفة متكاملة في المحاسبة والقانون وإجراءات المحاكم والجهات الأمنية
تتطلب المعرفة والتأهيل العلمي والمهني في المحاسبة والتدقيق

مجالات المحاسبة القضائية:
تستخدم المحاسبة القضائية في المجالات التالية. (حسن وعبد الرحمن، 2015، ص 128_129):
1. التحري عن الغش والتلاعب في التقارير المالية وتقديم الأدلة المناسبة.
2. فحص وتقييم الرقابة الداخلية وتحري التغيرات أو نقاط الضعف التي تستخدم في الغش والتلاعب.
3. تقدير الخسائر في حالة المطالبة بالتعويض من شركات التامين.
تقديم المنشات في حالة وجود نزاع يستدعي دراسة بعض البنود المتنازع عليها لعدة فترات مالية.
4. الفحص الشامل للأنشطة وحل الغش أو الفساد.
5. تقدير الأرباح المفقودة نتيجة الفرص الضائعة على المنشأة.
مراحل المحاسبة القضائية:
تمر المحاسبة القضائية بأربع مراحل أساسية، وهي. (سامي، 2002، ص 147_152):
المرحلة الأولى: تشخيص المشكلة والتخطيط لها جيداً: 
   يتعين على المحاسب القضائي طرح العديد من الأسئلة لتحديد طبيعة المشكلة موضع البحث والدراسة، فالبداية هي التعريف بالمشكلة وذلك من خلال العديد من الطرق، فعلى سبيل المثال قد تكتشف المشكلة من خلال عمل المراجع الداخلي أو المراجع الخارجي أو من خلال عملية الفحص والتقويم الدولي.
المرحلة الثانية: تجميع أدلة الإثبات:
   تعتبر هذه المرحلة في غاية من الأهمية إذ يتعين على الفاحص التأكد من أن أدلة الإثبات التي تم تجميعها خلال المرحلة الأولى تشخيص المشكلة والتخطيط الجيد لها، يمكن الاعتماد عليها أو الوثوق بها أو هي مضللة، فإذا كانت مضللة فإنه يتعين إعادة التقويم والتشخيص في المرحلة السابقة. أما إذا كانت البيانات وأدلة الإثبات يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها، فإن الخطوة التالية هي تناول كافة مناحي المشكلة وتجميع أدلة الإثبات والمواءمة التي يمكن الرجوع إليها، فأدلة الإثبات تساعد المراجع على الإدلاء برأيه في تقرير المراجعة حول مدى كفاية أدلة الإثبات وطبيعتها.
ويمكن تصنيف أدلة الإثبات من وجهة نظر المراجع الداخلي والمراجع الخارجي إلى ما يلي:
1. إجراءات تحليلية من خلال استخدام أسلوب المقارنة.
2. إجراء المطابقات سواء كانت إيجابية أو سلبية من خلال طرف ثالث محايد.
3. المستندات من خلال مطابقتها للعمليات التي تمت بالسجلات.
4. الاستفسار وذلك بالاعتماد على المعلومات الكتابية الشفوية.
5. الملاحظة من خلال متابعة التدقيق الفعلي للعمليات مثل ملاحظة حركة مخزون المواد أو مدى أداء المخازن لوظائفها.
6. الفحص المادي من خلال الحصر والفحص الفعلي.
   هذا فضلاً عن أدلة الإثبات الأخرى، مثل: مدى الرضا عن نظام الرقابة الداخلية ويتكون هيكل الرقابة الداخلية من مجموعة الطرق والمقاييس التي تصمم وتنفذ بغرض تحقيق الأهداف الأربعة التالية:
·        حماية الأصول والحفاظ عليها.
·        اختبار دقة البيانات المحاسبية ومدى الاعتماد عليها.
·        رفع الكفاءة التشغيلية والإدارية المنظمة.
·        تشجيع السير بالسياسات المرسومة.
المرحلة الثالثة: تقويم أدلة الثبات:
   أما المرحلة الثالثة فحص واختبار عملية الاحتيال والخداع فهي على درجة عالية من الأهمية وهي تقويم أدلة الإثبات، وكذلك البيانات قبل التوصل إلى النتائج الهامة وإعداد التقرير النهائي.
   فعند تقويم أحد العوامل أو العناصر المؤثرة على عملية الخداع أو الاحتيال يتعين على الفاحص أن يدلي برأيه الموضوعي في مدى كفاية أدلة الإثبات، يقوم الفاحص بتحديد أدلة الإثبات الأخرى المناسبة للوفاء بأغراض الفحص والتقويم.
المرحلة الرابعة: إعداد التقرير النهائي:
   أما في هذه المرحلة إعداد التقرير النهائي وبصفة عامة يجب مراعاة اعتبارات إعداد التقرير النهائي وأهمها أن يشير المحاسب القضائي إلى أدلة الإثبات التي قام بتجميعها وأن يعد التقرير بلغة صحيحة ودقيقة وأن يتناول التقرير كافة الحقائق حيث لا يقع القارئ في شك من عدم كفاية أدلة الإثبات التي تم تجميعها من خلال الفحص، والملاحظة، والاستفسار، والمطابقة.
   وغير خاف أن الفلسفة من إعداد التقرير النهائي هو عرض الحقائق بشكل يساعد على التوصيف الدقيق والاستدلال الموضوعي لنتائج الفحص والتقويم.
جريمة غسل الأموال:
مفهوم غسل الأموال:
   إن كلمة غسل الأموال وكلمة تبييض الأموال يلتقيان في دلالة مفهومها حيث يعني استخدام حيل ووسائل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطريقة غير شرعية وغير قانونية لإضفاء الشرعية عليها، وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشاوى والاختلاسات والغش التجاري وتزوير النقود؛ فاصطلاح غسل الأموال وتبييض الأموال اصطلاح عصري وهو بديل للاقتصاد الخفي أو الاقتصاديات السوداء أو اقتصاديات الظل، وهو كسب الأموال من مصادر غير مشروعة، وأحياناً يتم خلط هذه الأموال الحرام بأموال أخرى حلال واستثمارها في أنشطة مباحة شرعاً وقانوناً لإخفاء مصدرها الحرام والخروج من المساءلة القانونية بعد تضليل الجهات الأمنية والرقابية. (جميل، 2012، ص 86).
مراحل غسل الأموال
   بالرغم من تعدد مصادر الأموال غير المشروعة والتي يسعى غاسلو الأموال للقيام بها؛ فإنها تمر بعدد من المراحل تبدأ بمرحلة التوظيف مروراً بالترقيد وانتهاء باندماجها، وفيما يلي نعرض هذه المراحل بشيء من التفصيل:
أولاً: مرحلة التوظيف:
   وتسمى هذه المرحلة أيضاً بالإحلال أو بالتوظيف، وتعد مرحلة الإيداع بصفة عامة، وهذه المرحلة من أخطر مراحل غسل الأموال وأكثرها حرجاً بالنسبة للمنظمات الإجرامية التي تكون أموالها – في هذه المرحلة- عرضة للهجوم من جانب سلطات تنفيذ القانون التي تكون لديها فرص أكبر لكشف وتتبع هذه الأموال من خلال المستندات والبيانات المسجلة بشأنها في المؤسسات المالية والمصرفية وغير المصرفية على السواء.
   ومن خلال هذه المرحلة قد يتحقق تنظيف الأموال المشبوهة بتوظيفها داخل المؤسسات المالية، إما بتزوير بعض المستندات أو إخفاء بعضها أو بمساعدة بعض موظفي البنك الذين يتسترون على ما يجري. (المطيري، 2007، ص 18).
ثانياً: مرحلة الترقيد:
   يقال لها أيضاً: مرحلة التعتيم أو التغطية أو الفصل أو التجميع أو التفريق أو التمويه أو التشطير؛ فبعد دخول الأموال القذرة في قنوات النظام المصرفي، يقوم غاسل الأموال بفصل وعزل الأموال القذرة عن مصدرها غير المشروع من خلال سلسلة من العمليات المصرفية المعقدة والتي تشبه كثيراً من حيث تكرارها وحجمها وتعقيداتها التعاملات المالية المشروعة؛ لأن الهدف النهائي من هذه المرحلة هو جعل تعقب تلك المبالغ ومتابعتها حتى مصدرها القذر مسألة عسيرة ما أمكن ذلك.
   تتميز هذه المرحلة بأنها أكثر المراحل الثلاث تعقيداً وصعوبة بالنسبة لسلطات مكافحة غسل الأموال، فهذه المرحلة تعد أكثر المراحل اتصافاً بالطبيعة الدولية؛ فغالباً ما تجري وقائعها في بلدان متعددة، وتنطوي على استخدام العديد من الأساليب المتشعبة والمتنوعة، ومنها ما يلي:
·        نقل الأموال من دولة لأخرى، وذلك من خلال التحويلات المالية البرقية.
·        التحويل الالكتروني الذي تنتقل الأموال عن طريقه بسرعة فائقة إلى بنوك خارج البلاد، مما يصعب معه ملاحقة أو تعقب مصدرها.
·        استخدام النظم المصرفية السرية وفروعها المنتشرة في العديد من البلدان، والتي تقدم خدماتها بقدر أكبر من السرية والسرعة وبتكلفة أقل، ولا تخلّف تحويلاتها أية آثار مستندية بخلاف النظم المصرفية الشرعية.
·        توزيع الأموال بين استثمارات متعددة، وفي بلدان مختلفة مع إعادة بيع الأصول المشتراة ونقل الاستثمارات باستمرار لتجنب اقتفاء أثرها من جانب السلطات المختصة.
·        التواطؤ مع المصارف الوطنية والأجنبية، واستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني المعروفة بالبطاقات الذكية (Smart Cards) والحسابات الرقمية المتغيرة.
·        تسهيل حركة الأموال غير المشروعة داخل وعبر البلدان باستغلال الفواتير المزورة وخطابات الاعتماد من خلال الشركات " الغطاء" أو "الواجهة" والشركات الوهمية التابعة للمنظمات الإجرامية.
·        الاستفادة من خدمات نوادي القمار في تغيير العملة، وإصدار الشيكات وتحويل الأصول إلى نوادي قمار أخرى.
   وتجد السلطات القائمة على تعقب نشاط غسل الأموال صعوبات كبيرة في ملاحقة التحويلات الإلكترونية والبرقية التي ترد في العالم أجمع، ليس فقط بسبب ضخامة وتشعب هذه التحويلات، وأيضاً بسبب الصعوبات الفنية الموجودة في نظام التحويلات الإلكتروني نفسه. (المطيري، 2007، ص 19).
ثالثاً: مرحلة الدمج:
   تمثل مرحلة الدمج المرحلة الأخيرة من مراحل عملية غسل الأموال، وهي التي تسعى إلى إضفاء مظهر شرعي على الأموال غير الشرعية وإتاحة استخدامها بطريقة مريحة ومحترمة، وكما هو واضح من التسمية، يقوم غاسل الأموال في هذه المرحلة بدمج أو بمزج الأموال غير الشرعية في الاقتصاد وجعلها تبدو وكأنها أموال مستمدة من مصادر مشروعة، وذلك لتغطية الجريمة بشكل تام، وهو يقوم بذلك بطريقة تجعل تلك الأموال تبدو وكأنها أرباح مشروعة من أعمال تجارية، وعند بلوغ هذه المرحلة يكون من الصعب التمييز بين الأموال المشروعة  والأموال غير المشروعة. وتعود إلى أيدي المجرمين بعد أن تكون قد أصبحت أموالاً نظيفة مما يتيح لهم التصرف فيها بكامل حريتهم، إما لاستخدامها في حياة الترف أو إعادة استخدامها في الأنشطة الإجرامية، أو استثمارها في الأنشطة المشروعة لتحقيق مزيد من الأرباح.
   إن غسل الأموال قد يحدث بعدة طرق مختلفة بدءً من شراء سلع وكماليات وصولاً إلى العمليات الضخمة المعقدة، وبما أن هذه الأمور تحصل كل لحظة وفي كل مكان من الكون من قبل أشخاص عاديين، لذلك يمكن تفهم صعوبة المراقبة والمكافحة؛ فقد يحصل توظيف الأموال المطلوب غسلها في رأس مال شركة تقوم بشراء سلع من شركات أخرى بأسعار مبالغ فيها؛ فيتم إخراج هذه الأموال بصورة قانونية من بلد المنشأ؛ مما يسمح بتبييض الأموال على نحو يوازي الزيادة المعتمدة في الأسعار.
   ومن الوسائل المتبعة أيضاً شراء التحف الفنية وإعادة بيعها في بلد آخر، وتحويل المال إلى ودائع في حسابات مصرفية. وقد يتم فتح حسابات بالأموال غير المشروعة في أحد المصارف وشراء عقارات بموجب عقود لا تظهر الثمن الحقيق لها، بحيث يدفع الفرق نقداً بطريقة سرية، ثم يجري بيع العقارات هذه بقيمتها الحقيقة، مما ينتج عنه أرباحاً سريعة لا مجال للشك أو الطعن في صحة مصدرها. وقد يتجه التوظيف إلى المعادن الثمينة والشيكات السياحية والسيارات الفخمة والتحف الفنية والكازينوهات والمطاعم ومكاتب القطع  وغيرها. (المطيري، 2007، ص 22).
دور المحاسبة القضائية للتصدي لعمليات غسل الأموال:
   هناك علاقة بين جريمة غسل الأموال ومهنة المحاسبة، حيث أن مهنة المحاسبة تقوم بتسجيل وتحليل العمليات المالية التي تحدث في الوحدات، والتي ربما ينتج عنها أنشطة ومعاملات مالية مشبوهة نتيجة جريمة غسل الأموال. (جميل، 2012، ص 92).
   تعتبر المساعدة القانونية فيما بين الدول إحدى الضرورات اللازمة لمواجهة تلك الجريمة، ونظراً لأهمية الجريمة وما تنطوي عليها من ظواهر أخرى تتمثل في التقدم التكنولوجي في مجال الانتقال والاتصال إضافة إلى ظاهرة العولمة وما أفرزته من نظم مالية مستحدثة ساعدت وبشدة على سرعة نقل الأموال من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى. وعليه أصبح التعاون بين الدول أساس المواجهة الفعالة لمكافحة تلك الظاهرة والذي ينقسم إلى مساعدة قانونية والمتمثلة في الاعتراف بالأحكام الأجنبية وتسليم المجرمين من أهم النقاط، وكذلك المساعدة القضائية والتي أجازتها الاتفاقيات للعمل وعلى تحقيق العدالة الجنائية. (سلام، 2014، ص 100).
   إن المحاسبة القضائية تساهم في توجيه الاستشارات القضائية من خلال توفير معلومات مالية ذات طبيعة تحليلية، وتحتاج إلى تدقيق ومراجعة من أجل التأكد من مدى دقتها وقدرتها على أن تكون دليل من ضمن الأدلة الدائنة للمهتمين في قضايا مالية. وتشمل تلك الخدمات والاستشارات القضائية والالتزامات، المطالبات الناتجة عن الخطأ وسوء التصرف ومنازعات التأمين والمنازعات الأخرى التي تحتاج إلى الرجوع للمبادئ والمعايير المحاسبية المتعارف عليها.

المراجع:
- أحمد، خالد، (2013)، دور المحاسبة القضائية في الحد من ممارسات الفساد المالي، محاسب قانوني-باحث ماجستير، مقدم إلى المؤتمر الدولي الأول في المحاسبة والمراجعة، كلية التجارة جامعة بني سويف بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية.
- السيسي، نجوى، (2006)، دور المحاسبة القضائية في الحد من ظاهرة الغش قي القوائم المالية-دراسة ميدانية، المجلة العلمية لكلية الاقتصادية والتجارة جامعة عين شمس المجلد 1، العدد 1، ص 33-84.
- المطيري، خالد، (2007)، البنوك وعمليات غسل الأموال، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، مصر.
- جميل، رافي، (2012)، دور المحاسب القضائي في الكشف والتصدي لعمليات غسل الأموال، دراسة حالة من كتب التحقيقات الفدرالي، مجلة الإدارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، المجلد الثاني، العدد 93، ص 81-95.
- حسن، عادل، عبد الرحمن، عبدالرحمن، (2015)، دور المحاسبة القضائية في الحد من ممارسة أساليب المحاسبة الإبداعية: بحث ميداني من وجه نظر المراجعين بمكاتب المراجعة, مجلة أماراباك، المجلد 6، العدد 18، ص 123-136.
- سامي، مجدي (2002)، دور المحاسبة القضائية في تشخيص واكتشاف عمليات الاحتيال والخداع المالي-دراسة ميدانية، مجلة البحوث التجارية، كلية التجارة جامعة الزقازيق، المجلد 24، العدد 1، ص 135-171.
- سلام، أحمد(2014)، دور البنوك والمؤسسات المصرفية في مواجهة جريمة تهريب وغسل الأموال والقانون والواجب التطبيق والمحكمة المختصة بنظر تلك الجريمة، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، مصر.
- شبلي، عبد الحسين (2013)، دور الحوكمة والمحاسبة القضائية في الحد من الفساد المالي والإداري، وقائع المؤتمر العلمي لكلية الإدارة والاقتصاد، ص 193.
- وهيب، انتصار، (2013)، عمليات غسيل الأموال التأثيرات والمعالجات-الإمارات العربية المتحدة ولبنان حالة دراسية، مجلة الإدارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، السنة السادسة والثلاثون، العدد 94، ص 39-53.