الاثنين، 28 أبريل 2014

المصالحة الوطنية



المصالحة الوطنية
بقلم: أيمن هشام عزريل
بات موضوع المصالحة الوطنية من المواضيع التي شغلت بال كثير من الناس والكتاب والباحثين والسياسيين على حد سواء، خاصة في فلسطين، فالوحدة الوطنية في أي مجتمع من المجتمعات تعد ضرورة أساسية ومطلباً مهماً بين الشعوب وهي الركيزة الأساسية للتقدم والبناء الحضاري والتنمية في كافة المجالات، بغض النظر عن انتماءاتهم الأيديولوجية أو الثقافية أو الدينية، لما تحققه من حرية وعدالة ومساواة
إن ما حدث في فلسطين من انقسام سياسي وصراع وتبادل للاتهامات بين الطرفين، أدى إلى إضعاف الأوضاع الداخلية في البلاد، فصار لزاماً طرح المصالحة الوطنية الحقيقية، إن المصالحة الوطنية الحقيقية تطرح نفسها كضرورة ملحة للاتفاق على مشروع وطني لإنهاء دوامة العنف والاتجاه نحو بناء الدولة على أسس وطنية سليمة، تنطلق من الانتماء الوطني الحر.
إن المصالحة الوطنية الحقيقية ستؤدي إلى توسيع المشاركة في بناء القرار الوطني على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، ومن ثم بناء دولة ذات دور فعال في المحيط العربي والاقليمي.
إن المصالحة الوطنية تحتاج أن يكون هناك اعتراف بالآخر على المستويات كافة، سواء الأفراد والجماعات أو على مستوى القوى السياسية دون استثناء، فالاعتراف بالآخر هو أساس نجاح أي حوار، فلا بد من جلوس الجميع إلى طاولة الحوار من أجل إنجاح أي مصالحة، فاستبعاد أي طرف سيؤدي إلى فشل الحوار بل سيعود بنتائج سلبية على الدولة، كياناً وشعباً وحكومة، الأمر الذي يؤدي إلى إضعافها.      
في هذا لأطار، لا بد إذاً من مشروع وطني يتفق عليه ويحقق قدراً عالياً من الاجماع الوطني لإنجاز المصالحة للنهوض بفلسطين وتكون له سياسته الفاعلة.
فالأنظمة السياسية ومؤسسات صنع القرار تتحمل المسؤولية في عدم اعطاء المجال لإشراك شرائح المجتمع كافة بعملية صنع القرار، وتعطيل دوره الفاعل (المجتمع)، وإبعاده عن القضايا الكبرى، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، فتصبح تتصف علاقته الاجتماعية بالشخصانية، وتتغلب القرابة أو السيطرة العائلية للسلطة الحاكمة، على الفرد كما على المجتمع. 
ولنأخذ ايرلندا الشمالية نموذجا في إنهاء الصراع القائم بيننا، لقد عاشت ايرلندا سنوات عديدة في حالة اضطراب أمني وسياسي، فالفصائل المسلحة لكل من الكاثوليك والبروتستانت تقاتلت لتترك خلفها الالاف من الضحايا، إلا أن حالة العنف المستمرة ولدت اتجاهات دعت إلى ضرورة إنهاء حالة العنف، لتبدأ مرحلة المصالحة وتقاسم السلطة بين الأطراف لتصبح هذه التجربة نموذجاً يمكن تطبيقه في المناطق التي تشهد صراعات ونزاعات.    
لذا يستند مشروع المصالحة إلى إلغاء التمييز بين أفراد المجتمع كمبدأ أساسي لتعميق المصالحة وفتح الحوار مع الجميع، والدعوة إلى عقد مؤتمرات لشرائح المجتمع كافة لدعم عملية المصالحة، كما هو الحال في ايرلندا الشمالية.
ولعل نجاح المصالحة يؤدي إلى تحسين الواقع الاقتصادي والخدمي للمناطق كافة لما له من تأثير كبير في خلق حالة الاستقرار عند الشعب، أما على البعد الاجتماعي فالمصالحة تسهم في تشكيل رؤية الأنسان وصياغة مفاهيمه عن الحياة في المجتمع، ومن ثم تنعكس على نمط علاقاته وأسلوب تبادله لحقوقه وأدائه لواجباته.
ولتأصيل فكرة الوحدة الوطنية، لابد من ضرورة بناء مشروع وطني ديمقراطي، لما تحمله مجتمعاتنا من تنوع لعناوين مختلفة، يضم جميع التيارات الفكرية والقوى السياسية التي تمثل كل أطياف المجتمع.  













الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

الأحد، 13 أبريل 2014

المشروع الأمريكي والشرق الأوسط



المشروع الأمريكي والشرق الأوسط
بقلم: أيمن هشام عزريل
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وزوال المنظومة الاشتراكية، اعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي بمثابة محفز استراتيجي للولايات المتحدة، مما ادى إلى أن تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية سياسة مختلفة في الشرق الأوسط، فمع تغير الحزب الحاكم بإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وصعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإدارة أوباما - في ظل التغيرات التي نشهدها - أعادت الولايات المتحدة الأمريكية ترتيب موقفها تجاه منطقة الشرق الأوسط،تلك المنطقة التي لازالت وستبقى منطقة حيوية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة لموقعها الاستراتيجي وثرواتها من النفط والغاز الذي يمثل ثلثي المخزون العالمي، أن الولايات المتحدة تصيغ استراتيجيتها في مناطق العالم المختلفة ومنها منطقة الشرق الأوسط لأنها من المناطق المفصلية في تحقيق أهدافها، ومن المناطق المؤثرة في التوازن العالمي، سيما بعد التحول الذي حصل في النظام الدولي منذ انتهاء الحرب الباردة، وشيوع النظام الرأسمالي، وانهيار التوازنات التقليدية،فموقعها الاستراتيجي جعلها ذات أهمية شديدة في المصالح الدولية، كل ذلك كان لحساب الهيمنة الأمريكية في العالم، وظهور سياسات جديدة بين الأمم بل وبين المجتمعات داخل الدول نفسها.
لقد بات العالم العربي موضوعاً للصراع الغربي الرأسمالي، فأصبحت أمريكا بدورها هي من تقرر الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، ولأن الشرق الأوسط من حيث موقعه الجغرافي، يحتل موقعاً بالغ الأهمية للولايات المتحدة ومشروعها الخاص بالهيمنة على العالم، من خلال تحويل بعض من دوله كمصدر للإرهاب على الأقل من وجهة النظر الأمريكية، لتمرير السياسات المطلوبة والضرورية لتلبى المصالح الأمريكية في تلك المنطقة، فالمشروع الأمريكي يقود إلى التبعية الإقليمية، وليس الاستقلال الإقليمي، بل يفرض القيم الأمريكية لتصبح القيم والقوانين وانماط الحياة الأمريكية أسلوباً للعالم كله.
إن النظام الإقليمي العربي يعتبر نظاماً مترابطاً جغرافياً، وإن لم يكن سياسياً، باعتبار أن الجميع في مركب واحد،فلم يعد الحديث عن سيادة الدول مقبولاً في ظل التدخل في شؤونها الداخلية وعودة الاحتلال العسكري المباشر كما حدث في أفغانستان والعراق، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات وتغيرات متعددة مثل دخول دول في حروب غير متكافئة مع الولايات المتحدة، وما نسب لبعض الدول أنها تخوض حرب صراع المحاور (الشر والخير).
يرى ديوي وهو من مؤسسي الفلسفة الأمريكية، إذا كان لكل أمة فلسفتها فإن على الفلسفة الأمريكية أيضاً أن تعي الحاجات الخاصة لأمريكا، هذه الفلسفة تختلف بالمطلق عن المنطلقات التي تقوم بها الولايات المتحدة تجاه دول العالم، مثال المغامرة الفاشلة في العراق التي كلفت الكثير من الترليونات وادت إلى انسحاب أمريكي مزري قبل أن تحقق ما تعهدت به للعالم من تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي شرق أوسطي متميز، الا أن الولايات المتحدة كانت السباقة دوماً في ممارسة إرهاب الدولة، فقد فرضت نفسها كقطب أوحد في زعامة العالم على إرادتها السياسية وقوتها العسكرية الطاغية، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا منشغلة بنفسها بترميم قسمها الشرقي، مما جعل المجتمع الدولي يدرك تماماً أن حجم الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة على شعوب العالم وصل إلى مستوى خطير وخاصة الجرائم التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وهذا يدل على فشل فرض مشروع الشرق أوسطي الذي كانت تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك نرى أنه عندما يطبق نظام الديمقراطية في أي دولة، وتحقق الديموقراطية رغبة الأغلبية، فإن الولايات المتحدة تقف بالضد منها، فهذا يزيد من كراهية العالم العربي والاسلامي للغرب والولايات المتحدة على حد سواء، يقول مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، بالتأكيد على أن القوة قد تقهر العالم لكنها لا تضفي الشرعية على نفسها، إن المشروع الأمريكي يهدف إلى تذويب مقومات الحضارة والثقافة العربية لتمرير مصالحها بسهولة ويسر في المنطقة.
 مما أدى إلى حدوث عمليات عنف ضد مصالحها في أغلب بلدان العالم خاصة التي لها تعاون خاص مع الولايات المتحدة، فكان الأجدر على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً محورياً في العالم كموضوعي الاحتباس الحراري وما ينتج عنه من كوارث، وموضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن ممارسة إرهاب الدولة نحو بلدان الشرق الأوسط.
وهنا سينتهي الحال بأمريكا إلى ما تنتهي إليه دائماً كل التجارب في العالم، وهو ان لم يكن هناك جهود دولية حقيقية تسعى لتقسيم جديد للمهام يكون مبني على الشراكة الدولية، تشترك فيه جميع القوى العالمية، سوف تضمحل وتتراجع قدرات وقوة أمريكا ومن يساندها من الحلفاء الغربيين، وسيكون هناك تنافس جيوسياسي جديد، مما سيجعل  أمريكا غير قادرة على الصمودفي وجه هذا التنافس بل سيجعلها جزءاً من الماضي، لذا أظهر الكثير من الأمريكيين خوفهم وسخطهم على مسؤوليهم في البيت الأبيض من المستقبل ومن خطر سياسة بلادهم تجاهه دول العالم الآخر، في النهاية ستكون الولايات المتحدة الامريكية مضطرة لإنهاء تواجدها العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط، لما تعانيه من عجز اقتصادي ومديونية اقتصادية كبيرة.  












الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين