الأحد، 28 سبتمبر 2014

الثقافة العربية...إلى أين؟

الثقافة العربية...إلى أين؟
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
كشف تقرير عربي سنوي عن التنمية الثقافية تعلنه مؤسسة الفكر العربي، عن تدني معدل الالتحاق بالتعليم عربياً، مقارنة بدول العالم وانخفاض معدل الكتب المنشورة عربياً، وكذلك انخفاض معدل القراءة، ووفقاً للتقرير الذي تم إعلانه من القاهرة والذي شارك في رعايته المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ومركز الخليج للأبحاث، أن هناك كتاب يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 500 إنجليزي ولكل 900 ألماني.
أي إن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4%، من معدل القراءة في إنجلترا، فالتقرير علي صعيد ملف التعليم مثلاً يعالج قضية الجودة التعليمية ويقدم بالأرقام والتحليلات المقارنة مختلف عناصر العملية التعليمية في الجامعات العربية مقارنة مع الجامعات الأجنبية، حيث يكشف التقرير أن معدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية لا يتجاوز 21.8%، بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91%، وأستراليا 72%، إسرائيل 58%، ويبلغ أعلى معدل لالتحاق الإناث بالتعليم في الإمارات 76%، والبحرين 68%، ولبنان 62%، بينما في مصر 45%، والسعودية 49%، اليمن 25%، واللافت أن متوسط معدل التحاق الإناث بالتعليم في الدول العربية 49%، يزيد عن معدله في اليابان (45%)!، وكوريا الجنوبية (37 %)، وتركيا (42 %). وعلى مستوى كفاية عدد الأساتذة في التعليم العالي إلى عدد الطلاب، فإن متوسط النسبة في العالم العربي هي أستاذ جامعي لكل 24 طالباً، بينما في اليابان أستاذ جامعي لكل 8 طلاب فقط، وفي أمريكا أستاذ جامعي لكل 13 طالب.
كما يعالج التقرير أيضاً ظاهرة الإقبال الملحوظ من جانب الطلاب العرب على دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية مقارنة بدراسة العلوم التطبيقية والبحثية ومدى انعكاسات هذا الخلل، حيث يكشف عن أن دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية في مصر تبلغ نسبتها 79%، من مجموع الملتحقين بالتعليم الجامعي، وهي أعلى نسبة في العالم العربي.
وعلى صعيد ملف الإعلام العربي تضمن التقرير رصداً كمياً وكيفياً لوسائل الإعلام الإلكتروني ومدى الحضور العربي من حيث اللغة وعدد المواقع وعدد الزوار المتصفحين على شبكة الإنترنت وكرس الملف القضايا والظواهر الثقافية في العالم العربي مثل: الثقافة العربية الأم والثقافات الفرعية، وأزمة القراءة والتواصل، ودور المال في دعم الإبداع العربي، والثقافة العربية المتوسطية؛ وثقافة المنفى، والثقافة العربية وتحديات الإعلام.
اكما اهتم التقرير بموضوع الصناعات الثقافية في العالم العربي، التي لا تتوافر عنها إحصائيات دقيقة لما تمثله في الدخل القومي بينما تشكل هذه الصناعات الثقافية ما بين 5% و10%، من قيمة المنتجات في العالم، أما على صعيد دوافع استخدام الإنترنت لدى المواطن العربي، فيأتي دافع الترفيه أولاً بنسبة 46%، بينما دافع التماس المعلومات يبلغ 26%، وأعلى معدل لنسبة استخدام الإنترنت إلى عدد السكان عل المستوى العربي في الإمارات 33%، وقطر 26%، بينما يبلغ في مصر 7%، والسعودية 11%، وسوريا 7%.
عندما نتحدث عن نظام الذات والثقافة فنحن نعني أنماط التفكير والتربية والتأهيل والإنتاج والتداول التي نشأت في حقبة زمنية معينة وتطورت بتأثير مجموعة من الخيارات الثقافية الواعية وغير الواعية التي يقوم بها فاعلون اجتماعية، وبحسب مصالحهم الاجتماعية والسياسية، وأهمهم في دولنا الحديثة، أولئك الذين يتحكمون بمقاليد الأمور الثقافية والتربوية والموارد العامة، ولعل السمة الغالبة على هذه الثقافة في البلاد العربية هي عدم الاكتمال أو النضج الذي يتجلى في ضعف وهشاشة النظم العقلية من فلسفات وعلوم.

والاستنتاج بأننا اليوم أمة متخلفة في ميدان العلم والثقافة والاختراعات وعدد العلماء والمتعلمين، بالمقارنة مع المعطيات المتداولة مع الدول المتقدمة علمياً وثقافياً وتقنياً.

السبت، 20 سبتمبر 2014

الإصلاح السياسي في الدول العربية



الإصلاح السياسي في الدول العربية
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
إن قضية الإصلاح في العالم العربي قد أصبحت ضرورة هامة وخاصة مع تطلعات الشعوب ورغبتها في تحقيق إصلاح حقيقي وتزداد أهميته مع انتشار موجة التحول الديمقراطي على مستوى العالم بأكمله وخاصة في ظل العولمة وانهيار الفواصل ين الدول المختلفة والنوايا الخفية وراء المبادرات والضغوط الأمريكية للإصلاح ومدى صلاحيتها للتطبيق في العالم العربي، يجب على عملية الإصلاح أن تتناول العديد من الزوايا، ابتداء من تشخيص كل الحالات ومختلف المتغيرات، وسبل وطرق الإصلاح، ثم التحديات والسيناريوهات.
أصبحت قضية الإصلاح السياسي في الوقت الراهن في الدول العربية، وتحديداً بعد أحداث 11 أيلول 2001، واحدة من أهم القضايا التي تدور حولها النقاشات والحوارات وتختلف حولها الآراء ويجرى النظر إليها والشغل الشاغل للكثير من السياسيين العرب، ولعل السبب وراء هذا الاهتمام هي الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على الأنظمة العربية التي ترى أنها لا تنسجم مع الرؤيا الأمريكية للديمقراطية، واتهامها لبعض هذه الدول بدعمها للإرهاب، فأطلقت مصطلح "محور الشر" على كل من (العراق وإيران وسوريا وأفغانستان وكوريا الشمالية)، وعلى هذا الأساس قامت بغزو أفغانستان في عام 2002 ومحاربة نظام طالبان الذي لا تنسجم أفكاره والديمقراطية الأمريكية، ثم وعلى نفس المبدأ قامت بغزو العراق عام 2003 واحتلاله وإسقاط النظام فيه بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، سعت الولايات المتحدة وبشكل كبير إلى تعزيز سطوتها على الأنظمة العربية الخارجة عن سيطرتها بعد أحداث 11 أيلول، حيث اتخذت مما جرى وسيلة وذريعة للدخول بقوة إلى منطقة الشرق الأوسط وتحديداً الدول العربية، ومحاولة احتواء المنطقة من خلال المجيء بأنظمة موالية للسياسة الأمريكية.
عندما نتحدث عن الإصلاح السياسي الذي انتهجته بعض الدول العربية، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم، هل أن الإصلاح السياسي الذي شهدته بعض الدول العربية نابع من الحاجة إلى التغيير، أم إن هذا التغيير نابع من الضغوط الأمريكية؟
وللإجابة على هذا السؤال يجب أن ندرك أولا طبيعة هذه التغييرات ومدى جدواها, إذ أن الكثير من الدول العربية قامت بإدخال إصلاحات شكلية لا تمس هيكلية النظام السياسي القائم, كتوسيع مقاعد البرلمان أو السماح بمشاركة النساء في البرلمان وإصدار بعض القوانين التي تدعو إلى تعددية حزبية تتمثل في إيجاد أحزاب جديدة منشقة عن الأحزاب الرئيسية والى غير ذلك من الإصلاحات التي لا تمس جوهر العملية السياسية، وهو ما يتعارض مع الطموحات التي يأملها العديد من السياسيين من خارج العملية السياسية، في إحداث إصلاحات حقيقية تتمثل في المشاركة في صنع القرار السياسي وأجراء انتخابات دورية لاختيار الحكومة ورئيس جديد للبلاد وغيرها من الإصلاحات.
فنشأت لذلك معادلة سياسية طرفها الأول بعض الأنظمة العربية التي مضى على وجودها عقود طويلة وتمسكها بسدة الحكم وعدم تأقلمها مع المتغيرات التي شهدها العالم، والطرف الآخر هو الإصلاحات الشكلية التي تسعى بعض الحكومات العربية إلى إدخالها من أجل إرضاء الأجندة الأمريكية التي تقف وراء الدعوة إلى الإصلاح.
هذه الإصلاحات لها أهمية علي المستوي السياسي وكذلك علي المستوى الاجتماعي والاقتصادي وأبضا الثقافي، قد يتجسد هذا السيناريو في مبادرات محدودة لكن بقدم بتغطيات إعلامية مكثفة، ومثل هذه الإصلاحات متواجدة بكثرة في العالم العربي، يمكن أن تكون أبضاً في مستوي متوسط (محاولات إصلاح التعليم والصحة)، أيضاً وأخيراً يمكن القيام ببعض الإصلاحات المتجذرة والتي تخص مستويات مهمة وفاعلة، كتقاسم السلطات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وغير ذلك.

السبت، 13 سبتمبر 2014

الشرق الأوسط...رؤية استراتيجية



الشرق الأوسط...رؤية استراتيجية
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
   عندما نتتبع في التاريخ، حركة مركز ثقل السيادة العالمية، أو الصراع العالمي، نجد أن مصر والعراق في العصور القديمة كانت مراكز للقوة السياسية العالمية، تنقل بينهما مركز الثقل لعدة مرات، كما كان العراق العباسي بلا شك في العصور الوسطى، مركز الثقل الأساسي، وما أن سقطت بغداد على يد المغول أنتقل الثقل في القوة العالمية إلى مصر، أما العصور الحديثة، فإن مركز ثقل السيادة العالمية، بكامل وزنه، انتقل إلى أوروبا، ومن ثم في قفزة كبيرة وفي الاتجاه نفسه، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الجديد، ولكن في الفترة الأخيرة، ظهر مسار أخر باتجاه عكسي راجع، انقلبت بموجبه الحركة من الغرب إلى الشرق.
   نجد أن قارة أسيا قد اصبحت مسرحاً لأكبر وأخطر الحروب المحلية والثروات الوطنية في العالم تقريباً، ابتداءً من الحرب الكورية، وحرب فيتنام، وحرب الصين والهند، إلى انفصال بنغلاديش، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، بالإضافة إلى الحروب الإسرائيلية – العربية في غرب القارة والصراع السوفيتي – الصيني في شرقها، ومع هذا السياق، يكون قد انتقل الخطر وابتعد عن أوروبا والبحر المتوسط ليستقر الصراع في منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهندي.
   ومنطقة الشرق الأوسط، من المناطق التي تتمتع بأهمية استراتيجية بالغة سواء من حيث موقعها الجغرافي أم من حيث أهميتها الاقتصادية .. فهي تشكل سوقاً تجارياً واسعاً، ومصدراً مهماً للطاقة سيما أن إنتاجها من النفط كبير واحتياطها منه أكبر، إضافة إلى أهميتها كمنطقة للاستثمارات الأجنبية، لذلك نجد أن منطقة الشرق الأوسط شهدت في التاريخ صراعات دولية من أجل السيطرة عليها وبسط النفوذ، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق عقد المعاهدات وإقامة القواعد العسكرية أو من خلال أنظمة تخدم مصالحها وتلبي حاجاتها وأهدافها، لهذا ظلت منطقة الشرق الأوسط على المستوى الإقليمي بما فيها العالم العربي في رحلة فوضى شديدة.
   ومما لا ريب فيه أن منطقة الشرق الأوسط هي من أكثر الأقاليم في العالم تنوعاً وسرعة في التغير، وبهذا أصبحت منطقة الشرق الأوسط منطقة صدام وأرض معركة بين قوى دولية وإقليمية، أو قوى إقليمية - إقليمية، أو قوى إقليمية تساندها قوى دولية ضد قوى إقليمية .. وبهذا تظهر لنا الصورة بأن الشرق الأوسط حالة معقدة نتيجة لتداخل الأدوار، وتشابك المصالح وتعدد مراكز التخطيط والأطراف المنفذة له.  
   إن لعبة استراتيجية منطقة الشرق الأوسط إنما هي واحدة من ألاعيب الغرب لتحقيق ثلاثة أهداف معاً في آن واحد .. حسب تحليلي، أحدها أن تكون علاقات العرب مع جيرانهم علاقات غير ودية ومتًأزمة باستمرار، وثانيها شيوع حالة الشكوك والتخوف بين مراكز القوى العربية وما ينتج عنها، من سياسة المحاور والتنافر بكل مخاطرها الجسام، وثالثها تجريد العرب من سلاح البترول نهائياً.
   في هذا الإطار، إن أمن كل قطر عربي هو جزء من أمن الأمة العربية، وأمن المنطقة عموماً، وأن امكانياته تزداد بالتعاون المشترك لا بالحروب والتناحر، على مبدأ أن قدرة أي قطر عربي ينبغي أن تكون لخدمة العرب في جميع أقطارهم، وأنها ليست موجهة ضد أي واحد منهم.           
                  

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

أزمة المواطن العربي



أزمة المواطن العربي
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
تعد الأرض العربية مهد الحضارات، وهي التي ظهر فيها المفكرون والسياسيون والعلماء والفقهاء، ومن بينهم "ابن سينا، وابن رشد، والفارابي، وابن خلدون"، فهل سيقدر ربع القرن القادم أن يقدم نماذج من العبقرية الفكرية حول التأمل السياسي والدفاع عن حقوق الإنسان العربي.
إن قضية الإنسان العربي وحقوقه تحتل مكانة مركزية وأولها حقوقه السياسية والدستورية، وهذا يثير قضايا مهمة مثل الغاء قوانين الطوارئ، والأحكام العرفية، وسلطات الاعتقال، التي تمارسها الهيئة التنفيذية في ظل هذه القوانين وقضايا التعذيب الجسدي للمسجونين وللمعتقلين السياسيين، وقضايا الاعتداء على الدستور ومخالفته، وانتهاك أحكامه وقضايا استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا شك إن الطريق طويل وصعب، ولا بد هنا من دور للمثقفين وأصحاب الفكر في الدفاع عن حقوق الإنسان العربي ، وتبصير المواطنين بحقوقهم وتكريس وعيهم بها وبذل جهود لوضع النظم والإجراءات التي تدعو أي حاكم لأن يفكر ألف مرة قبل أن يتعدى على حريات الشعب وكرامة الإنسان بشكل عام.
إن الإنسان أغلى ما في الوجود والشعب سيد البلاد التي هي موطنه، هذان الشعاران والمفهومان حضاريان استقرا في بلاد عربية كثيرة منذ عهود طويلة، نريد لهما أن يستقرا أيضا في جميع أقطار وطننا العربي، والإنسان فيه يولد حراً نريد له أن يبقى حراً فالحرية أساس الوجود.
إن المواطن والشعب الحر مرتبطان ببعضهما يتحقق أحدهما بوجود الأخر فلا يتصور وجود الشعب الحر من غير مواطنين أحرار، ولا يمكن ضمان الحرية للمواطنين إلا في نظام حر لا تكون فيه سلطة الحاكم إرادة شخص معين وإنما إرادة مجموع الشعب، هذه النتيجة التي نريد أن نصل إليها لا تتحقق بالتمنيات فلا بد من أن تعمل لها كل النخب المثقفة والقوى الشعبية والوطنية على صعيد الوطن العربي من أجل الوصول إلى هدف إقامة الحكم على أساس إرادة الشعب، وأن تتحمل كامل مسؤولياتها.
فالمطلوب إذن هو انطلاقة حقيقية واعية من أجل تعزيز حق الإنسان (المواطن) العربي من أجل مبدأ سيادة القانون في الوطن العربي، حيث أن الديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد ترفاً ثقافياً أو موضوعاً يهم المثقفين فقط بل هي ضرورة حيوية لنهضة الأمة والخروج بها من أزمتها.
وعلينا أن نعلم أن حرمان المواطن العربي من حقوقه وحرياته الأساسية سوف يؤدي إلى تطويعه وشل قدراته وتطلعاته العامة وبالتالي تقزيم الأهداف الوطنية والقومية، وعليه فإن الطريق للخروج من الأزمة الخانقة التي تمر بها الأمة لا تكون بمحاولة القفز مباشرة إلى الحكم وإنما بمحاولة حل أزمة المواطن من أجل إعادة الحركة في نفسه الساكنة والحياة إلى روحه المستكينة المستسلمة، وعلينا أن نتعاون ونعمل فيما بيننا من أجل ضمان الحد الأدنى من حقوق المواطن وحرياته الأساسية والتي من خلالها وفي ظل معطيات الواقع المختلفة يمكنه أن يقف على قدميه مرة أخرى ويستعيد ثقته بأمته ومستقبلها.