الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

الصراع في مصر...إلى أين؟



الصراع في مصر...إلى أين؟
بقلم: أيمن هشام عزريل
كما أن الناس أسرى خياراتهم فالأحزاب والحركات السياسية والدينية أيضا أسيرة خياراتها، فهل من الممكن أن نصف ما يحدث في مصر على أنه صراع؟..
يتميز الشعب المصري بعلاقاته الطيبة الحميمة الجميلة التي لا تشوبها شوائب، فمنذ القدم والشعب المصري وعلاقاته يبعضه البعض علاقة لا تفرقها إلا الموت، فهم في رباط دائم، وخصوصا وقت الشدائد.
لقد مرت على مصر أزمات وأزمات، وكان الشعب المصري يدا واحدة ضد أي عدوان، بل ضد أي عدوان خارجي يحاول أن يقتص من مصر، وكان الشعب له بالمرصاد، وهذا إن دل فإنه يدل على الترابط والحب والمحبة والعطاء بين المصريين، هذه هي الأحزاب والصراعات السياسية التي لم تكن في صالح المجتمع.
نقطة الارتكاز في الأزمة المصرية الراهنة التي وصلت إلى فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة بقوات الأمن، لا يتجه إلى تسوية مقبولة على الطرفين وإنما إلى صراع أهلي طويل قد يأخذ مصر إلى المجهول.
المتتبع للإحداث في مصر يدرك أن الصراع بين القوى الإسلامية التي أبعدت عن السلطة بالقوة وبين خصومها، والمعركة على مصر، وفي مصر، لا تمنح أحدا رفاهية الحياد، ولا تمكن أحدا من ارتداء الأقنعة، بدءا من الولايات المتحدة، وانتهاء برافعي رايات "القاعدة" دفاعا عن "الشرعية والشريعة"، ولا تتوقف علامات ذلك على المشهد الإعلامي وحده، واستمرار اعتصام "رابعة العدوية"، وإنما أيضا على وجود قطيعة بين الطرفين وحوار من خلال البيانات، والبيانات المضادة وليس عبر طاولة دائرية للحوار.
وهذا ينذر بمخاطر ومضاعفات لا تحمد عقباها، لكن السيناريو الجزائري لن يتكرر في مصر، أما الكلام عن تكرار السيناريو السوري، فليس سوى مزحة سخيفة، ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من حجم المخاطر.
إن استمرار الاعتصامات يشكل مأزقا للفريق الحاكم حاليا في مصر، فهو أولا يؤكد أن هنالك قطاعات شعبية ليست بالقليلة غير راضية عن الانقلاب حتى لو كان مدعوما بعمق شعبي.
لا يمكن أن نتجاهل أن ما يحدث في مصر اليوم، يمكن توصيفه بالصراع الأيديولوجي الفكري، بين تيارات فكرية لها منحى سياسي، متمثلة في التيارات الدينية والتيارات المدنية.
بعد ثورة يناير اهتز ميزان القوى، واختفت الخطوط الواضحة الفاصلة بين هذه الطبقات، وطبقات المجتمع السفلي، نظرا لصعود جموع من البشر في شكل غضب، وهجوم على كل من سلب حقوقهم في الحياة الكريمة، سواء من خلال منعهم من الحصول على وظائف معينه داخل مؤسسات الدولة أو حتى حق الحياة.
اليوم يطلق النار الضابط والشرطي والقاضي ورجل الأعمال والإعلامي، على أفراد لا يمتلكون حتى ما يلبسونه، تطلق النار على أفراد لا أمل لهم بعد الآن في حياة أفضل، وهم يرون من سلبوا حقوقهم طول السنوات السابقة يعودون ويقتلونهم مرة أخرى، فطلقات الرصاص لا تفرق بين من هو ثوري أو إخواني أو إسلامي أو قبطي، طلقات الرصاص فقط على من هم ضد هذه الكيانات الحكومية والعائلية والطبقية، هذه الطلقات تطلق بمسميات لتبرير القتل كمسميات الإرهابي والمخرب والبلطجي، لم تنقطع هذه المشاهد منذ ٢٥ يناير مروراً بفض اعتصام الضباط وأحداث العباسية والحرس الجمهوري حتى رابعة والنهضة.
إن تحرك الصراع في مصر تدعمه وتموله قوى عربية ودولية وإقليمية لها مصالحها وأهدافها، هذه المصالح والأهداف التي لابد معها من أن تظل مصر هشة دوما على جراحها، لا يطيب لها جرح حتى يفتح لها آخر.
مصر بحاجة اليوم إلى قيادة ومنظومة سياسية اجتماعية إعلامية اقتصادية قضائية قوية متناغمة ومتعاونة، تعلوا فيها المصالح الوطنية والقومية والإسلامية على الحسابات المغلوطة للبعض.
إن حسم هذا الصراع يبقى بين أيدي أجهزة الدولة المصرية، فهي تملك في حال وحدتها، وعملها على قلب رجل واحد وطني ومخلص، لإنقاذ البلاد واستعادة الاستقرار وإفشال المؤامرات المدسوسة لها، لأن ما يقع اليوم في مصر، ستكون له نتائج وخيمة ستؤدي إلى تقسيم مصر إلي دوليات. 
لا بد أن يدرك الطامعون أبعاد المؤامرة ويتكاتفوا لإنقاذ بلادهم.. قبل تحقيق مصالحهم الذاتية وأهدافهم الشخصية.. ، لأن التكلفة عندها ستكون باهظة من الدماء الإنسانية المصرية التي لا تقدر بثمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يجب أن تستسلم مصر للأمر الواقع أو ما الذي يمكن فعله للخروج من الأزمة الراهنة؟.....













الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

الخميس، 10 أكتوبر 2013

نظرات على الإرهاب السياسي



نظرات على الإرهاب السياسي
بقلم: أيمن هشام عزريل
تشتق كلمة إرهاب من الفعل المزيد (أرهب)، ويقال أرهب فلاناً: أي خوفه وفزعه.
إن ظاهرة الإرهاب ليست جديدة، وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الإنسان ذاته، فهي لصيقة بطبيعة وجوده، وتطورت الظاهرة بفعل متغيرات البيئة الدولية التي تتحرك فيها.
لا نريد هنا أن نعرف الإرهاب كمصطلح أو نحدد مفهومه- باعتباره ظاهره جلية للعالم- بقدر التركيز على مضمون نتائجه وتداعياته.
حيث لا توجد كلمة اليوم أكثر إثارة للجدل واستخداما في مختلف وسائل الإعلام العالمية منذ الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001م، مثل كلمة إرهاب "Terrorism".
يتفق كل العقلاء في الأرض وبغض النظر عن أديانهم أو انتماءاتهم الطائفية أو الفكرية، على إدانة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، واعتباره عملا مقيتا ينافي الكرامة الإنسانية، فضلا عن مخالفته للأديان السماوية وللشرائع الأرضية.
وتبقى المسألة الرئيسية تكمن في حصر وتقنين ظاهرة الإرهاب، مسألة ذات بعد حضاري إنساني، كون الإنسان هو الشخص الذي يمتلك الإرادة الفعلية والعملية في استئصال جذور الإرهاب، لينهض من جديد بفكر خلاق بنـّاء قادر على التعاطي الإيجابي مع واقع وأعباء الحياة المختلفة.
 وهكذا اتخذ الإرهاب صورا وأشكالا عدة من خطف الطائرات في الفضاء الجوي، إلي الاستيلاء على السفن في عرض البحر، بالإضافة إلى تدمير منشآت الطيران المدني، ومِن قتل زعماء ورؤساء وملوك دول، مرورا بالاعتداء على رجال السلك السياسي والشخصيات العامة، وانتهاء بإهدار حياة الأفراد شيوخا كانوا أم رجالا أو أطفالا أو نساء.
 ناهيك عن خطف الأشخاص، واحتجاز الرهائن سواء كانوا سياسيين أو صحفيين أو دبلوماسيين وكذلك تدمير المنشآت والمباني العامة والقطارات والسيارات، ومهاجمة السفارات والقنصليات ومكاتب الطيران والسياحة، وإشعال الحرائق، ووضع المتفجرات والعبوات الناسفة في دور السينما ومحطات القطارات والحافلات.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا بأن هذه النظرة فيها من الصحة الشيء الكثير، وأن إدانة الإرهاب مسألة لا اختلاف فيها، فالعنف والتفجير والقتل والتدمير هي ممارسات إجرامية خطيرة تؤدي لخسائر كثيرة في الأرواح والماديات.
 وأن الجانب الأمني له دوره الملموس في التصدي لهذه الظاهرة الإجرامية، ولكن مدار الخلاف لم يكن حول ضرورة إدانة الإرهاب، وإنما يدور بالتحديد حول الأسباب والمسببات.
 بدون تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية الثقافية والدينية علي المستوي العالمي، فلن تنتهي ظاهرة الإرهاب، لأن الظلم والقهر الاقتصادي والسياسي والثقافي والديني هو البيئة المناسبة لنمو وازدهار كل الأفكار المتطرفة والتي تؤدي في النهاية إلي العنف كوسيلة للتغيير. 
إذن الإرهاب هو أداة أو وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، سواء كانت المواجهة داخلية، بين السلطة السياسية وجماعات معارضة لها، أو كانت المواجهة خارجية بين الدول، فالإرهاب هو نمط من أنماط استخدام القوة في الصراع السياسي، حيث تستهدف العمليات الإرهابية القرار السياسي، وذلك بإرغام دولة أو جماعة سياسية على اتخاذ موقف مرض لمآربها.
إن الإرهاب ظاهرة خطيرة في حياة المجتمعات الإنسانية وهو أسلوب متدن للوصول إلى الأهداف، فالإرهاب ليست له هوية ولا ينتمي إلى بلد وليست له عقيدة.
إذا صح ذلك، فإنه من مخلفات مرحلة الاستبداد، التي شوهت قيم المجتمع، ومزقت أواصره، فإن ذلك يشجعنا على أن نراهن على أمل إقامة نظام ديمقراطي يعيد للمجتمع صوابه، ويرد إلى القوى السياسية ثقتها في بعضها البعض، ومن ثم يعيد إلى الحوار قيمته المهدرة، وإلا ما هي إلا شعارات يرفعها الغرب حول الحرية وحقوق الإنسان وحق البشر، في تقرير ما يرضونه من أشكال حياتهم.
هل سيعي العالم أجمع حجم الكارثة التي يمر بها، بسبب الإرهاب والكذب والنفاق السياسي الذي تمارسه القوي العظمى، أم أن مواجهة الطوفان ستستمر؟!

















الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين