الأحد، 17 أغسطس 2014

غزة صامدة رغم الحصار.. كرامة الأمة



غزة صامدة رغم الحصار.. كرامة الأمة
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
إذا كان الصراع السياسي هو تصادم إرادات وقوى خصمين أو أكثر حيث يكون هدف كل طرف من الأطراف تحطيم الأخر كلياً أو جزئياً تتحكم إرادته بإرادة الخصم ومن ثم يمكنه أن ينهي الصراع بما يحقق أهدافه وأغراضه. 
قامت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) بفرض حصار خانق على قطاع غزة منذ سبعة أعوام تقريباً، فقطعت عنه الدواء والماء والغذاء، معرضة قرابة (1.5) مليون فلسطيني إلى خطر الموت جوعاً ومرضاً غير مكترثة بما يشكله هذا الحصار من جريمة ضد الإنسانية بطابع العقاب الجماعي مع أن القانون الدولي يفرض عليها مسؤولية الحفاظ على حياتهم، وعدم تعريضهم للقتل والتعذيب والعقاب الجماعي.
إلا أن الأمم المتحدة وحتى اللحظة لم تتمكن من وضع آلية فاعلة لحمل كل الدول على تنفيذ تعهداتها بموجب تلك المواثيق، اسوة بالعقوبات التي تفرضها الدول على من ينتهك قانونها الوطني، لكن أجهزة الأمم المتحدة ما تزال ترزح تحت هيمنة الدول الكبرى وسيادة (القوة) لا القانون، وما تزال (إسرائيل) تصر على التنصل من الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني في كل حروبها، والهجوم الأخير على غزة كان مثالاً واضحاً على ذلك، فهو انتهاك لاتفاقيات جنيف، ولكن يبقى الأمل معلقاً على المحكمة الجنائية الدولية.
وتصاعدت وتيرة الحرب تدريجياً، كما اتسع نطاقها في الأيام التالية، مستهدفة المباني السكنية والمشافي ودور العلم والمساجد، مما يشير إلى أن النية تدمير غزة قبل غزوها برياً، نحن بحاجة إلى أن ندرك أن ما قامت به (إسرائيل) في هذه الحرب هو قتل مجتمع بأكمله بواسطة أدوات عسكرية واقتصادية واجتماعية ونفسية، والقضاء على أكبر عدد من سكانه.
لقد خرقت (إسرائيل) والتي تساندها الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب أهم الأعراف والقوانين الدولية، التي نصت على أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه، وبحسب تصريحات مسؤولين ومتحدثين رسميين أن هذه الحرب لم تكن لاستهداف الشعب الفلسطيني بل لاستهداف المقاومة التي تقوم بإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، لضرب الروح المعنوية للجبهة الداخلية، وذلك من أجل تبرير ما يرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وهذا هو أسلوب التضليل وهو التلاعب بالألفاظ حتى لا يعتقد أنه إعلام كاذب حيث يتم دائما طرح البقاء وأمن (إسرائيل) في مواجهة الجماعات الإرهابية.   

إن الذين يرقدون في المستشفيات ينالون رعاية أولية فقط من مرافق تفتقر إلى المعدات والمواد والأطقم الطبية وليس في وسع الكثيرين من أولئك الذين لا تستطيع مستشفيات غزة تلبية حاجاتهم الطبية بما فيها جراحة القلب والأعصاب، وقد سمح لعدد قليل من المرضى المصابين بجروح حرجة بالخروج إلى كل من مصر والأردن والضفة الغربية منذ بداية العمليات العسكرية، بالرغم من مناشدات من تركيا وقطر لاستقبال الجرحى.
 لقد بلغت البنية التحتية المتعلقة بالماء والكهرباء والصرف الصحي وهي متهالكة من قبل بفعل الحصار، نقطة الانهيار وقد حذر البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية من العواقب التي ستنجم عن ظهور أوبئة بسبب انقطاع اللقاحات وتوقف جمع النفايات وتلوث المياه.
أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يتحملان الجزء الأكبر من المسؤولية الدولية عن حالة الحصار المفروض على قطاع غزة، فأمريكا مسؤولة بحكم تشجيعها (لإسرائيل) على الحصار، لكن هذه الحقيقة لا تعفي العرب من مسؤولياتهم أيضاً عن الدعوة بفك الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال تفعيل النداءات الدولية لمنظمات حقوق الإنسان لتطبيق العدالة الدولية، والعرب مسئولون لعدم إبداء الواقعية الكافية في مواجهة الحصار.
إن التواطؤ الدولي في الحصار على قطاع غزة، والصمت العربي المهين عن الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وعجز الموقف العربي عن مواجهة الحصار، جعل قادة (إسرائيل) يتمادون في تشديد الحصار على قطاع غزة وإدارة ظهورهم لجهود السلام، وهذا يعني أن الصراع العربي أصبح صراع شعوب وليس حرب جيوش والأنظمة عاجزة وخائفة، فلا مجال لمبادرة السلام، ولا لمفاوضات ولا لوعود.       


الأربعاء، 6 أغسطس 2014

براءة الطفولة الفلسطينية تحت القصف



براءة الطفولة الفلسطينية تحت القصف
بقلم: أيمن عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
يعيش الطفل الفلسطيني طفولة مضطهدة، ينظر إلى الدنيا بكل عفوية وبراءة وأمل، لا يجد من يرسم البسمة على شفتيه، بل تسرق براءة الطفولة من عينيه، يتضور جوعاً لا يجد من يسد رمقه، فلم ينعم بأبسط الحقوق المشروعة التي نصت عليها المواثيق الدولية، فالطفل يولد في أسرة تحف بها المخاطر اليومية لا يمكنه أن ينشأ سوياً كباقي أطفال العالم، الرعب يسيطر عليه، فقدان الأب أو الأم أو الأخ أو هدم البيت، والمدرسة في أي لحظة قد تقصف، فيقسو القلب متناسياً الأحلام الوردية، ليصطدم بالواقع، ويعمل لأجل المساهمة في تأمين لقمة العيش      هذه كلمات كلها ذات معنى.
واليوم يعيش الطفل الفلسطيني مرحلة جديدة من العنف الاسرائيلي المبرمج عن طريق توظيف الأسلحة باختلاف أنواعها، ولعل ما يميز الطفل الفلسطيني بصورة عامة، والطفل الغزاوي بصورة خاصة عن غيره، هو أنه يعيش دوماً في معاناة يومية، فمشهد الاستشهاد من الصور اليومية المألوفة لدى الطفل الفلسطيني، دوي المدافع وتطاير أشلاء الجثث قد أصبحت عالقة في ذاكرته، إن الطفل الفلسطيني يتفاعل مع الأحداث التي تجري من حوله ويدونها في داخله، مما يؤدي دوراً أساسياً في صياغة الوعي لديه، وربطه بالحاضر والماضي للتاريخ الفلسطيني من أجل صياغة الذاكرة الفلسطينية، ومن ثم تقبل الأوضاع المحيطة، ولكنه يبقي تحت ضغوط نفسية تقود إلى نتائج مدمرة.  
تنص المادة (32) من اتفاقية حقوق الطفل على أن تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطراً أو يمثل إعاقة، فأين حصة أو حق أطفال فلسطين من هذه الاتفاقيات الدولية التي نص عليها القانون الدولي، والطفل الفلسطيني تنتهك حقوقه يومياً دون رادع لما يحصل له من مجازر بشعة، إن وضع أطفال فلسطين مقلق للغاية، وستكون الخطورة في ذلك للأجيال القادمة، فالعنف الاسرائيلي المتواصل بحق الطفل الفلسطيني، سيفرز نتائج مستقبلية خطيرة على عقل وتصور هؤلاء الأطفال.
أثبتت كثير من الدراسات، أن الطفل يبدأ في مرحلة ما بين 7-10 سنوات بالتركيز في الجانبين الفعل السلبي والإيجابي في معادلة الصراع، حيث يبدأ يردد الاحتلال هو من اعتدى وقتل ودمر وشرد وسجن.    
أيعقل أن يغرم المرء في الدول الأوروبية على إيذاء حيوان، ولا يدان من سياسة تقوم على سفك الدماء وقتل الأطفال... ولا نرى في النهاية إلا وعود كاذبة وقضايا ترفع في محكمة لاهاي التي أصبحت محكمة من دون عقاب وما أنصفت حق رضيع حتى الآن....
فالطفل الفلسطيني أصبحت في داخله تحيى فكرة أكبر منه (الموت من أجل الحياة)، فإلى متى ستبقى حقوق هذا الطفل في زاوية التهميش؟ وإلى متى ستبقى احتياجاته موضع أساسي متجاهل؟ فهو يحرم من أكبر حقوقه ألا وهو حقه في الحياة ومواكبة تطلعاته كباقي أطفال العالم، في ظل توفير احتياجاته ومطالبه على الصعيد التعليمي والصحي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي...
في ضوء ما تقدم، أليس ما يجرى حالياً في غزة يضع العالم بأسره أمام سؤال، ما هي الأمور التي يمكن أن يتخيلها أو يحلم بها أطفال فلسطين في تلك اللحظات أمام القتل والدمار؟   
إن الطفل الفلسطيني محروم من المتع البريئة التي يتمتع بها أطفال العالم، كعطف الأبوين ودفء الأسرة وصداقات زملاء المدرسة وأناشيد وأغان يرددها الطفل عادة في هذا السن، وزيارات وسفر للأسرة أو المدرسة إلى أماكن التسلية ومدن الألعاب، ليعيش الطفل الفلسطيني في دوامة مستمرة خارج الحياة الإنسانية، بلا حاضر، وبلا مستقبل، ليقف على حافة الموت الذي ينتزع منه كل حق في الوجود.
فما هو المطلوب أمام هذه المجازر الإنسانية؟ الفلسطينيون! المحاصرون في وطنهم؟ أم العرب، وهم النائمون عن حقوقهم ومقدساتهم وهي تسلب أمام عيونهم؟ فالعالم يتمتع ضميره بإجازة طويلة الأمد منحه إياها المهيمنون على العالم.
إن البؤس والظلم والغبن الذي يعانيه الطفل الفلسطيني واستشهاد المئات من الأطفال ما من شك يترك آثاراً وخيمة على الطفل الفلسطيني من ناحية نفسية واجتماعية، فضلاً عن الترويج الذي انتشر ليشمل أولئك الذين شاهدوا تصويراً متكرراً عن طريق التلفزيون أو المعايشة اليومية للواقع لجثث مشوهة، هو من أبشع الأشكال التي تعرضت لها البشرية.   
إلى متى سيبقى الطفل الفلسطيني يقول أريد العيش بحرية وكرامة، ينتظر ضمان احترام حقوق أقرتها له المواثيق الدولية منذ زمن طويل، مع أن غيره يعتبر تلك الحقوق "تحصيل حاصل" في دول كثيرة.