المشروع
الأمريكي والشرق الأوسط
بقلم: أيمن هشام عزريل
بعد
تفكك الاتحاد السوفيتي وزوال المنظومة الاشتراكية، اعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي
بمثابة محفز استراتيجي للولايات المتحدة، مما ادى إلى أن تنتهج الولايات المتحدة
الأمريكية سياسة مختلفة في الشرق الأوسط، فمع تغير الحزب الحاكم بإدارة الرئيس
الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وصعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإدارة أوباما -
في ظل التغيرات التي نشهدها - أعادت الولايات المتحدة الأمريكية ترتيب موقفها تجاه
منطقة الشرق الأوسط،تلك المنطقة التي لازالت وستبقى منطقة حيوية بالنسبة لمصالح
الولايات المتحدة لموقعها الاستراتيجي وثرواتها من النفط والغاز الذي يمثل ثلثي
المخزون العالمي، أن الولايات المتحدة تصيغ استراتيجيتها في مناطق العالم المختلفة
ومنها منطقة الشرق الأوسط لأنها من المناطق المفصلية في تحقيق أهدافها، ومن
المناطق المؤثرة في التوازن العالمي، سيما بعد التحول الذي حصل في النظام الدولي
منذ انتهاء الحرب الباردة، وشيوع النظام الرأسمالي، وانهيار التوازنات التقليدية،فموقعها
الاستراتيجي جعلها ذات أهمية شديدة في المصالح الدولية، كل ذلك كان لحساب الهيمنة
الأمريكية في العالم، وظهور سياسات جديدة بين الأمم بل وبين المجتمعات داخل الدول
نفسها.
لقد بات
العالم العربي موضوعاً للصراع الغربي الرأسمالي، فأصبحت أمريكا بدورها هي من تقرر
الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، ولأن الشرق الأوسط من حيث موقعه الجغرافي،
يحتل موقعاً بالغ الأهمية للولايات المتحدة ومشروعها الخاص بالهيمنة على العالم،
من خلال تحويل بعض من دوله كمصدر للإرهاب على الأقل من وجهة النظر الأمريكية،
لتمرير السياسات المطلوبة والضرورية لتلبى المصالح الأمريكية في تلك المنطقة،
فالمشروع الأمريكي يقود إلى التبعية الإقليمية، وليس الاستقلال الإقليمي، بل يفرض
القيم الأمريكية لتصبح القيم والقوانين وانماط الحياة الأمريكية أسلوباً للعالم
كله.
إن
النظام الإقليمي العربي يعتبر نظاماً مترابطاً جغرافياً، وإن لم يكن سياسياً، باعتبار
أن الجميع في مركب واحد،فلم يعد الحديث عن سيادة الدول مقبولاً في ظل التدخل في
شؤونها الداخلية وعودة الاحتلال العسكري المباشر كما حدث في أفغانستان والعراق،
وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات وتغيرات متعددة مثل دخول دول في حروب غير
متكافئة مع الولايات المتحدة، وما نسب لبعض الدول أنها تخوض حرب صراع المحاور
(الشر والخير).
يرى
ديوي وهو من مؤسسي الفلسفة الأمريكية، إذا كان لكل أمة فلسفتها فإن على الفلسفة
الأمريكية أيضاً أن تعي الحاجات الخاصة لأمريكا، هذه الفلسفة تختلف بالمطلق عن
المنطلقات التي تقوم بها الولايات المتحدة تجاه دول العالم، مثال المغامرة الفاشلة
في العراق التي كلفت الكثير من الترليونات وادت إلى انسحاب أمريكي مزري قبل أن تحقق
ما تعهدت به للعالم من تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي شرق أوسطي متميز، الا أن
الولايات المتحدة كانت السباقة دوماً في ممارسة إرهاب الدولة، فقد فرضت نفسها كقطب
أوحد في زعامة العالم على إرادتها السياسية وقوتها العسكرية الطاغية، في الوقت
الذي كانت فيه أوروبا منشغلة بنفسها بترميم قسمها الشرقي، مما جعل المجتمع الدولي
يدرك تماماً أن حجم الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة على شعوب العالم وصل إلى
مستوى خطير وخاصة الجرائم التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وهذا يدل على فشل فرض
مشروع الشرق أوسطي الذي كانت تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك
نرى أنه عندما يطبق نظام الديمقراطية في أي دولة، وتحقق الديموقراطية رغبة
الأغلبية، فإن الولايات المتحدة تقف بالضد منها، فهذا يزيد من كراهية العالم
العربي والاسلامي للغرب والولايات المتحدة على حد سواء، يقول مستشار الأمن القومي
الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، بالتأكيد على أن القوة قد تقهر
العالم لكنها لا تضفي الشرعية على نفسها، إن المشروع الأمريكي يهدف إلى تذويب
مقومات الحضارة والثقافة العربية لتمرير مصالحها بسهولة ويسر في المنطقة.
مما أدى إلى حدوث عمليات عنف ضد مصالحها في أغلب
بلدان العالم خاصة التي لها تعاون خاص مع الولايات المتحدة، فكان الأجدر على الولايات
المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً محورياً في العالم كموضوعي الاحتباس الحراري وما
ينتج عنه من كوارث، وموضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن ممارسة إرهاب
الدولة نحو بلدان الشرق الأوسط.
وهنا سينتهي
الحال بأمريكا إلى ما تنتهي إليه دائماً كل التجارب في العالم، وهو ان لم يكن هناك
جهود دولية حقيقية تسعى لتقسيم جديد للمهام يكون مبني على الشراكة الدولية، تشترك
فيه جميع القوى العالمية، سوف تضمحل وتتراجع قدرات وقوة أمريكا ومن يساندها من
الحلفاء الغربيين، وسيكون هناك تنافس جيوسياسي جديد، مما سيجعل أمريكا غير قادرة على الصمودفي وجه هذا التنافس
بل سيجعلها جزءاً من الماضي، لذا أظهر الكثير من الأمريكيين خوفهم وسخطهم على
مسؤوليهم في البيت الأبيض من المستقبل ومن خطر سياسة بلادهم تجاهه دول العالم
الآخر، في النهاية ستكون الولايات المتحدة الامريكية مضطرة لإنهاء تواجدها العسكري
المباشر في منطقة الشرق الأوسط، لما تعانيه من عجز اقتصادي ومديونية اقتصادية
كبيرة.
الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق