الاثنين، 20 أكتوبر 2014

ثورة التكنولوجيا وأثرها على الأسرة العربية


ثورة التكنولوجيا وأثرها على الأسرة العربية
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
يتفق الجميع ولا سيما علماء الاجتماع على أن الأسرة هي عماد المجتمع، والمجتمع كما يذهب (تارد) إلى أنه جملة أفراد يحاكي بعضهم بعضاً، أو يلتقون في صفات مشتركة موروثة من نموذج واحد قديم، وهذه هي الذرية الاجتماعية، والحقيقة أن المجتمع يقوم على أفراده وعلى العلاقات القائمة بينهم، ولكنه شيء آخر غير هؤلاء الأفراد وغير تلك العلاقات، ولكل مجتمع ثقافته ونظمه، وعاداته وتقاليده، وله صور شتى كالأسرة، والعشيرة، والقبيلة، والأمة، والشعب، وهو يشملها جميعاً، ولكنه أن أُطلق أخذ في أوسع معانيه، ترتبط المجتمعات عادة بعدد من المعايير أو الأعراف المتخذة كمعايير هي آداب التصرف والحياة والتفكير المحددة اجتماعياً، والمعاقب على تجاوزها اجتماعياً، فالمعيار الاجتماعي هو مستوى العادات والتقاليد والتوجهات المشتركة، الذي تبلغه جماعة، وتتخذه بمثابة قوة موجهة لسلوكها أو تصرفها، ويمكن اعتبار المعيار الاجتماعي بمثابة المرجعية الذاتية للجماعات المعينة، ومن ضمن هذه الجماعات الأسرة، وإذا ما تعرضت هذه المعايير إلى تغيير خارجي ولا سيما من قبل وسائل الثورة المعلوماتية أو إلى تبديل بمرور الزمن وبإرادة أفراد الأسرة والمجتمع فهنا مكمن الخطر الذي يهدد هوية المجتمع، إذا ما حدث وتم ضرب أو تهديد منظومة القيم أو المعايير الاجتماعية والتي هي بمثابة مبادئ عامة يتمسك بها الأفراد تمسكاً شديداً بحيث تؤثر على سلوكهم وتجعلهم يتميزون بالتطابق والتشابه، سيكون هناك صراع ما بين منظومة قيم الداخل والقيم الوافدة من الخارج عبر آليات الثورة المعلوماتية أو بمعنى آخر يحدث صراع بين نوعين من الثقافة (ثقافة الداخل وثقافة الخارج)، لقد أضحت اليوم تكنولوجيا المعلومات وتحديداً تكنولوجيا الاتصال القطار الذي استقلته العولمة لتحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية، وقبل ذلك كله الأهداف الثقافية التي تسعى أو تمهد لترويض العقول من أجل عدم تعارض الأهداف السياسية والاقتصادية، ومن هنا يتم التمهيد لنسف المعايير الاجتماعية من مبادئ وقيم وعادات والتي يتمسك بها الفرد والأسرة والمجتمع، ومن أجل تحقيق ذلك فإن تكنولوجيا المعلومات أو الثورة المعلوماتية تؤثر على هوية الفرد والأسرة العربية عبر عدد من الآليات تحرير إرادة الشعوب من القيود الاجتماعية والثقافية والفكرية التي يعتقد منظرو العولمة بأنها تعيق تقبلها للثقافة الجديدة عن طريق الاستخدام الموجه للكلمات والصور، وفي ذلك يرى هربرت شيللر أن السيطرة على البشر وعلى المجتمعات تتطلب في الحاضر وقبل كل شيء الاستخدام الموجه للإعلام، فمهما كان جبروت القوة التي يمكن استخدامها ضد شعب ما فإنها لا تفيد على المدى البعيد، إلا إذا تمكن المجتمع المسيطر من أن يجعل أهدافه مقبولة على الأقل، إن لم تكن جذابة بالنسبة لهؤلاء الذين يسعى لإخضاعهم، فالحالة الشعورية لسكان بلد ما لها دورها الملموس في تحديد سلوكهم الاجتماعي ونهجهم الثقافي، تعويد العقول على مشاهدة ومعايشة الأنماط المغربة للثقافة الجديدة بإحكام السيطرة على المعلومات وتوظيفها وتعميقها وفقاً لمواصفات محددة وبمقومات تم اختبارها عملياً لتعتاد الشعوب عليها وعلى مشاهدتها عن طريق التكرار غير الملل، هذا التعويد يمكن في ظل ظروف معينة أن يلحق بالصحة العقلية للإنسان فيصبح أسيراً لعاداته، إعادة تشكيل الحياة الاجتماعية للشعوب على نمط الحياة الغربية وحثها على المشاركة فيها على نحو نشط يحقق على المدى قولبة الإنسان بحسب النموذج الاجتماعي الغربي، تعزيز فكرة الانخراط النشط في الثقافة الجديدة عن طريق إبراز مظهرها الخارجي والثناء على كل من يتبناها ويعمل بموجبها، بما يشجع الانتماء إليها، وعلى اعتبار أنها أسلوب للحياة العصرية المهتمة بآخر تقليعات العصر، وبالأشكال الجديدة للمأكولات والمشروبات والمتعة والترفيه والإنفاق في إطار يتجاوب مع حاجة الرأسمالية إلى زيادة الاستهلاك من جهة، والتأكيد على قيم المجتمع الرأسمالي من جهة أخرى.

وفقاً لما سبق، هناك تساؤل مهم يتبادر إلى الذهن مفاده؛ إلى أي مدى سيكون تأثير الثورة المعلوماتية على هوية الفرد والأسرة العربية مستقبلاً؟

الأحد، 12 أكتوبر 2014

التنمية العربية – في بناء الدولة والأمة في الوطن العربي

التنمية العربية – في بناء الدولة والأمة في الوطن العربي
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   إن هاجس الخوف من المجهول لازم الإنسان منذ القدم وحتى يومنا الحاضر، وذلك بحكم معاناته من مشكلات مستديمة يقاوم بعضها ويستسلم لبعضها ويحل بعضها، فلكل زمان ومكان مشكلاته وظروفه التي تتجدد وتتعقد لتظهر بأشكال وطرائق جديدة، على الرغم مما حققه الإنسان من تقدم تقني على مستوى الاتصالات والمواصلات، والاكتشافات على مستوى الصحة والغذاء... وغيرها، وبالرجوع إلى الخطوات الفكرية التي حققها الإنسان على مستوى التنمية، نجد أن نظريات التنمية مع اختلاف اتجاهاتها، لم تكن وليدة المدة التي انقسم فيها العالم إلى دول صناعية متقدمة وأخرى نامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بل تمتد جذورها إلى الإسهامات النظرية والعناية المبكرة لعلم الاجتماع على يد روّاده الأوائل الذين أعطوا جلّ عنايتهم لقضية النمو والتطور نحو مراحل أكثر تقدماً، مقارنةً بالمراحل التي ميّزت المجتمعات في مراحل ما قبل النهضة الأوربية، وظلت تلك النظريات حتى الثلاثينيات من القرن الماضي تبدو أكثر التصاقاً بالتجربة التاريخية للمجتمعات الأوربية وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية تأثرت نظريات التنمية ب(مدرسة التحديث) التي استندت في منهجها إلى تحليلات دوركهايم وماكس فيبر وأطروحاتهم لمفهوم التطور الاجتماعي الذي ينطوي على تغيرات تتدرج وفق مراحل وأنظمة محددة لا بدّ من استنفادها، وفي المرحلة نفسها ظهرت مدرسة ثانية أطلق عليها (مدرسة التبعية والتخلّف) التي استمدت أفكارها من أطروحات كارل ماركس، فهي ترى أن حالة التخّلف وما يصاحبها من قيود ما هي إلا نتيجة للعلاقات غير المتكافئة بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية، بحكم القيود والموانع المفروضة على الدول النامية للحيلولة بينها وبين التطور للأفضل وقد ترجع جذور الفكر الاشتراكي إلى عصور قديمة، فمثالية أفلاطون المبنية على النخبة الموهوبة ذات المواصفات الاجتماعية والسياسية المتميزة من الناس هي في الأساس اشتراكية أرستقراطية، فقد شهدت المجتمعات على اختلاف مراحلها حركات عدّة رفضت ظروف الظلم والاستعباد، ودعت إلى مجتمع جديد قوامه العدالة والمساواة كثورة العبيد في روما وثورات الزنوج والقرامطة في العصر العباسي وغيرها من الحركات الشعبية التي استمدت قواها من الديانات السماوية التي تكلّف بها الأنبياء والرسل بأوقات وظروف زمنية متعاقبة، خاصة تلك المبادئ التي جسّدتها الديانتان المسيحية والإسلامية.
   أن الإمام علي رضي الله عنه كان يرى الفقر والظلم متغيرين يزعزعان بنية العائلة والمجتمع والدولة، ولذا أعطى الأولوية لمعالجتها لتكون مدخلاً لتحقيق التنمية البشرية، وذلك من خلال مقولتين شهيرتين له، هما: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته" و"أعجب لجائع كيف لا يخرج شاهراً سيفه..."، وتوماس كمبانيلا وهو المفكر الإنكليزي الإنساني النزعة الذي نادى ببناء مجتمع خالٍ من مظاهر الاستغلال وسلطة المال، وغيرهم.
   وأوربياً سادت الأفكار الاشتراكية في نهاية القرن الثامن عشر بوصفها رد فعل على التفاوت الطبقي الذي أفرزته الرأسمالية، فقد طرح عدد من المفكرين الأوربيين مبادئ تهدف إلى إقامة فلسفة اشتراكية تستند إلى الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج، وانتقدوا الظروف التي خلفتها الثورة الصناعية، وما ترتب عليها من نمط إنتاجي رأسمالي أفرز العديد من المظاهر كالبؤس والحرمان والاستغلال.
   ولغرض إيقاف ما تتعرض له التنمية العربية من تخبّط وتراجع وعدم الذهاب إلى المجهول، والحيلولة دون إعادة إنتاج القديم حاضراً، بمعنى أن العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل تنتظم تاريخياً بحيث يكون تفاعل الحاضر مع التاريخ تفاعلاً وظيفياً وبمستوى المسؤولية، شاطباً فيها الماضي بإملاءاته الظالمة، ومجسداً لمستقبل خالٍ من التأزم والعقد، إذن فالمناصرة الجماعية هي الوسيلة لخلق النظام القادر على بث العدل والمساواة بين أبناء المجتمع، وأن الفردية ظالمة لنفسها لا تجني إلا الغرائز، وعليه يجب أن تكون المشاركة فعالة وقادرة على تحقيق أهدافها، بحيث يكون الاختيار قائماً على الأصلح والأهلية والكفاءة في تحقيق المسيرة الوطنية وفق الالتزام بالثوابت والمبادئ التي تجسدها الأمة ودينها الحنيف، لذا فنحن بحاجة إلى أشخاص يتميزون بالمعرفة وبالحكمة والإخلاص، ولهم ممارسة فعلية في نقل الأقوال إلى أفعال، ولهم انتماء وطني فوق الولاءات القاصرة والعاجزة عن خدمة الوطن والأمة.

   إن الله وحد بين الأنصار المهاجرين، بحكم تمسكهم بدينهم وبنبيهم وقرآنهم، فتحقق لهم النصر تلو النصر على الرغم من قلّتهم وكثرة عدوهم، واليوم بابتعادهم شيئاً فشيئاً عن عقيدتهم وعنايتهم بالمسائل التاريخية على حساب المسائل العقائدية، دبّ فيهم الضعف وابتعدوا شيئاً فشيئاً عن دينهم، والله قادر على أن يوحدهم من جديد إذا غيّروا ما بأنفسهم، وإذا ما تابوا واستغفروا وحلّت عليهم نعمة الله.

الأحد، 28 سبتمبر 2014

الثقافة العربية...إلى أين؟

الثقافة العربية...إلى أين؟
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
كشف تقرير عربي سنوي عن التنمية الثقافية تعلنه مؤسسة الفكر العربي، عن تدني معدل الالتحاق بالتعليم عربياً، مقارنة بدول العالم وانخفاض معدل الكتب المنشورة عربياً، وكذلك انخفاض معدل القراءة، ووفقاً للتقرير الذي تم إعلانه من القاهرة والذي شارك في رعايته المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ومركز الخليج للأبحاث، أن هناك كتاب يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 500 إنجليزي ولكل 900 ألماني.
أي إن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4%، من معدل القراءة في إنجلترا، فالتقرير علي صعيد ملف التعليم مثلاً يعالج قضية الجودة التعليمية ويقدم بالأرقام والتحليلات المقارنة مختلف عناصر العملية التعليمية في الجامعات العربية مقارنة مع الجامعات الأجنبية، حيث يكشف التقرير أن معدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية لا يتجاوز 21.8%، بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91%، وأستراليا 72%، إسرائيل 58%، ويبلغ أعلى معدل لالتحاق الإناث بالتعليم في الإمارات 76%، والبحرين 68%، ولبنان 62%، بينما في مصر 45%، والسعودية 49%، اليمن 25%، واللافت أن متوسط معدل التحاق الإناث بالتعليم في الدول العربية 49%، يزيد عن معدله في اليابان (45%)!، وكوريا الجنوبية (37 %)، وتركيا (42 %). وعلى مستوى كفاية عدد الأساتذة في التعليم العالي إلى عدد الطلاب، فإن متوسط النسبة في العالم العربي هي أستاذ جامعي لكل 24 طالباً، بينما في اليابان أستاذ جامعي لكل 8 طلاب فقط، وفي أمريكا أستاذ جامعي لكل 13 طالب.
كما يعالج التقرير أيضاً ظاهرة الإقبال الملحوظ من جانب الطلاب العرب على دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية مقارنة بدراسة العلوم التطبيقية والبحثية ومدى انعكاسات هذا الخلل، حيث يكشف عن أن دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية في مصر تبلغ نسبتها 79%، من مجموع الملتحقين بالتعليم الجامعي، وهي أعلى نسبة في العالم العربي.
وعلى صعيد ملف الإعلام العربي تضمن التقرير رصداً كمياً وكيفياً لوسائل الإعلام الإلكتروني ومدى الحضور العربي من حيث اللغة وعدد المواقع وعدد الزوار المتصفحين على شبكة الإنترنت وكرس الملف القضايا والظواهر الثقافية في العالم العربي مثل: الثقافة العربية الأم والثقافات الفرعية، وأزمة القراءة والتواصل، ودور المال في دعم الإبداع العربي، والثقافة العربية المتوسطية؛ وثقافة المنفى، والثقافة العربية وتحديات الإعلام.
اكما اهتم التقرير بموضوع الصناعات الثقافية في العالم العربي، التي لا تتوافر عنها إحصائيات دقيقة لما تمثله في الدخل القومي بينما تشكل هذه الصناعات الثقافية ما بين 5% و10%، من قيمة المنتجات في العالم، أما على صعيد دوافع استخدام الإنترنت لدى المواطن العربي، فيأتي دافع الترفيه أولاً بنسبة 46%، بينما دافع التماس المعلومات يبلغ 26%، وأعلى معدل لنسبة استخدام الإنترنت إلى عدد السكان عل المستوى العربي في الإمارات 33%، وقطر 26%، بينما يبلغ في مصر 7%، والسعودية 11%، وسوريا 7%.
عندما نتحدث عن نظام الذات والثقافة فنحن نعني أنماط التفكير والتربية والتأهيل والإنتاج والتداول التي نشأت في حقبة زمنية معينة وتطورت بتأثير مجموعة من الخيارات الثقافية الواعية وغير الواعية التي يقوم بها فاعلون اجتماعية، وبحسب مصالحهم الاجتماعية والسياسية، وأهمهم في دولنا الحديثة، أولئك الذين يتحكمون بمقاليد الأمور الثقافية والتربوية والموارد العامة، ولعل السمة الغالبة على هذه الثقافة في البلاد العربية هي عدم الاكتمال أو النضج الذي يتجلى في ضعف وهشاشة النظم العقلية من فلسفات وعلوم.

والاستنتاج بأننا اليوم أمة متخلفة في ميدان العلم والثقافة والاختراعات وعدد العلماء والمتعلمين، بالمقارنة مع المعطيات المتداولة مع الدول المتقدمة علمياً وثقافياً وتقنياً.

السبت، 20 سبتمبر 2014

الإصلاح السياسي في الدول العربية



الإصلاح السياسي في الدول العربية
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
إن قضية الإصلاح في العالم العربي قد أصبحت ضرورة هامة وخاصة مع تطلعات الشعوب ورغبتها في تحقيق إصلاح حقيقي وتزداد أهميته مع انتشار موجة التحول الديمقراطي على مستوى العالم بأكمله وخاصة في ظل العولمة وانهيار الفواصل ين الدول المختلفة والنوايا الخفية وراء المبادرات والضغوط الأمريكية للإصلاح ومدى صلاحيتها للتطبيق في العالم العربي، يجب على عملية الإصلاح أن تتناول العديد من الزوايا، ابتداء من تشخيص كل الحالات ومختلف المتغيرات، وسبل وطرق الإصلاح، ثم التحديات والسيناريوهات.
أصبحت قضية الإصلاح السياسي في الوقت الراهن في الدول العربية، وتحديداً بعد أحداث 11 أيلول 2001، واحدة من أهم القضايا التي تدور حولها النقاشات والحوارات وتختلف حولها الآراء ويجرى النظر إليها والشغل الشاغل للكثير من السياسيين العرب، ولعل السبب وراء هذا الاهتمام هي الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على الأنظمة العربية التي ترى أنها لا تنسجم مع الرؤيا الأمريكية للديمقراطية، واتهامها لبعض هذه الدول بدعمها للإرهاب، فأطلقت مصطلح "محور الشر" على كل من (العراق وإيران وسوريا وأفغانستان وكوريا الشمالية)، وعلى هذا الأساس قامت بغزو أفغانستان في عام 2002 ومحاربة نظام طالبان الذي لا تنسجم أفكاره والديمقراطية الأمريكية، ثم وعلى نفس المبدأ قامت بغزو العراق عام 2003 واحتلاله وإسقاط النظام فيه بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، سعت الولايات المتحدة وبشكل كبير إلى تعزيز سطوتها على الأنظمة العربية الخارجة عن سيطرتها بعد أحداث 11 أيلول، حيث اتخذت مما جرى وسيلة وذريعة للدخول بقوة إلى منطقة الشرق الأوسط وتحديداً الدول العربية، ومحاولة احتواء المنطقة من خلال المجيء بأنظمة موالية للسياسة الأمريكية.
عندما نتحدث عن الإصلاح السياسي الذي انتهجته بعض الدول العربية، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم، هل أن الإصلاح السياسي الذي شهدته بعض الدول العربية نابع من الحاجة إلى التغيير، أم إن هذا التغيير نابع من الضغوط الأمريكية؟
وللإجابة على هذا السؤال يجب أن ندرك أولا طبيعة هذه التغييرات ومدى جدواها, إذ أن الكثير من الدول العربية قامت بإدخال إصلاحات شكلية لا تمس هيكلية النظام السياسي القائم, كتوسيع مقاعد البرلمان أو السماح بمشاركة النساء في البرلمان وإصدار بعض القوانين التي تدعو إلى تعددية حزبية تتمثل في إيجاد أحزاب جديدة منشقة عن الأحزاب الرئيسية والى غير ذلك من الإصلاحات التي لا تمس جوهر العملية السياسية، وهو ما يتعارض مع الطموحات التي يأملها العديد من السياسيين من خارج العملية السياسية، في إحداث إصلاحات حقيقية تتمثل في المشاركة في صنع القرار السياسي وأجراء انتخابات دورية لاختيار الحكومة ورئيس جديد للبلاد وغيرها من الإصلاحات.
فنشأت لذلك معادلة سياسية طرفها الأول بعض الأنظمة العربية التي مضى على وجودها عقود طويلة وتمسكها بسدة الحكم وعدم تأقلمها مع المتغيرات التي شهدها العالم، والطرف الآخر هو الإصلاحات الشكلية التي تسعى بعض الحكومات العربية إلى إدخالها من أجل إرضاء الأجندة الأمريكية التي تقف وراء الدعوة إلى الإصلاح.
هذه الإصلاحات لها أهمية علي المستوي السياسي وكذلك علي المستوى الاجتماعي والاقتصادي وأبضا الثقافي، قد يتجسد هذا السيناريو في مبادرات محدودة لكن بقدم بتغطيات إعلامية مكثفة، ومثل هذه الإصلاحات متواجدة بكثرة في العالم العربي، يمكن أن تكون أبضاً في مستوي متوسط (محاولات إصلاح التعليم والصحة)، أيضاً وأخيراً يمكن القيام ببعض الإصلاحات المتجذرة والتي تخص مستويات مهمة وفاعلة، كتقاسم السلطات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وغير ذلك.

السبت، 13 سبتمبر 2014

الشرق الأوسط...رؤية استراتيجية



الشرق الأوسط...رؤية استراتيجية
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
   عندما نتتبع في التاريخ، حركة مركز ثقل السيادة العالمية، أو الصراع العالمي، نجد أن مصر والعراق في العصور القديمة كانت مراكز للقوة السياسية العالمية، تنقل بينهما مركز الثقل لعدة مرات، كما كان العراق العباسي بلا شك في العصور الوسطى، مركز الثقل الأساسي، وما أن سقطت بغداد على يد المغول أنتقل الثقل في القوة العالمية إلى مصر، أما العصور الحديثة، فإن مركز ثقل السيادة العالمية، بكامل وزنه، انتقل إلى أوروبا، ومن ثم في قفزة كبيرة وفي الاتجاه نفسه، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الجديد، ولكن في الفترة الأخيرة، ظهر مسار أخر باتجاه عكسي راجع، انقلبت بموجبه الحركة من الغرب إلى الشرق.
   نجد أن قارة أسيا قد اصبحت مسرحاً لأكبر وأخطر الحروب المحلية والثروات الوطنية في العالم تقريباً، ابتداءً من الحرب الكورية، وحرب فيتنام، وحرب الصين والهند، إلى انفصال بنغلاديش، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، بالإضافة إلى الحروب الإسرائيلية – العربية في غرب القارة والصراع السوفيتي – الصيني في شرقها، ومع هذا السياق، يكون قد انتقل الخطر وابتعد عن أوروبا والبحر المتوسط ليستقر الصراع في منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهندي.
   ومنطقة الشرق الأوسط، من المناطق التي تتمتع بأهمية استراتيجية بالغة سواء من حيث موقعها الجغرافي أم من حيث أهميتها الاقتصادية .. فهي تشكل سوقاً تجارياً واسعاً، ومصدراً مهماً للطاقة سيما أن إنتاجها من النفط كبير واحتياطها منه أكبر، إضافة إلى أهميتها كمنطقة للاستثمارات الأجنبية، لذلك نجد أن منطقة الشرق الأوسط شهدت في التاريخ صراعات دولية من أجل السيطرة عليها وبسط النفوذ، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق عقد المعاهدات وإقامة القواعد العسكرية أو من خلال أنظمة تخدم مصالحها وتلبي حاجاتها وأهدافها، لهذا ظلت منطقة الشرق الأوسط على المستوى الإقليمي بما فيها العالم العربي في رحلة فوضى شديدة.
   ومما لا ريب فيه أن منطقة الشرق الأوسط هي من أكثر الأقاليم في العالم تنوعاً وسرعة في التغير، وبهذا أصبحت منطقة الشرق الأوسط منطقة صدام وأرض معركة بين قوى دولية وإقليمية، أو قوى إقليمية - إقليمية، أو قوى إقليمية تساندها قوى دولية ضد قوى إقليمية .. وبهذا تظهر لنا الصورة بأن الشرق الأوسط حالة معقدة نتيجة لتداخل الأدوار، وتشابك المصالح وتعدد مراكز التخطيط والأطراف المنفذة له.  
   إن لعبة استراتيجية منطقة الشرق الأوسط إنما هي واحدة من ألاعيب الغرب لتحقيق ثلاثة أهداف معاً في آن واحد .. حسب تحليلي، أحدها أن تكون علاقات العرب مع جيرانهم علاقات غير ودية ومتًأزمة باستمرار، وثانيها شيوع حالة الشكوك والتخوف بين مراكز القوى العربية وما ينتج عنها، من سياسة المحاور والتنافر بكل مخاطرها الجسام، وثالثها تجريد العرب من سلاح البترول نهائياً.
   في هذا الإطار، إن أمن كل قطر عربي هو جزء من أمن الأمة العربية، وأمن المنطقة عموماً، وأن امكانياته تزداد بالتعاون المشترك لا بالحروب والتناحر، على مبدأ أن قدرة أي قطر عربي ينبغي أن تكون لخدمة العرب في جميع أقطارهم، وأنها ليست موجهة ضد أي واحد منهم.           
                  

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

أزمة المواطن العربي



أزمة المواطن العربي
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
تعد الأرض العربية مهد الحضارات، وهي التي ظهر فيها المفكرون والسياسيون والعلماء والفقهاء، ومن بينهم "ابن سينا، وابن رشد، والفارابي، وابن خلدون"، فهل سيقدر ربع القرن القادم أن يقدم نماذج من العبقرية الفكرية حول التأمل السياسي والدفاع عن حقوق الإنسان العربي.
إن قضية الإنسان العربي وحقوقه تحتل مكانة مركزية وأولها حقوقه السياسية والدستورية، وهذا يثير قضايا مهمة مثل الغاء قوانين الطوارئ، والأحكام العرفية، وسلطات الاعتقال، التي تمارسها الهيئة التنفيذية في ظل هذه القوانين وقضايا التعذيب الجسدي للمسجونين وللمعتقلين السياسيين، وقضايا الاعتداء على الدستور ومخالفته، وانتهاك أحكامه وقضايا استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا شك إن الطريق طويل وصعب، ولا بد هنا من دور للمثقفين وأصحاب الفكر في الدفاع عن حقوق الإنسان العربي ، وتبصير المواطنين بحقوقهم وتكريس وعيهم بها وبذل جهود لوضع النظم والإجراءات التي تدعو أي حاكم لأن يفكر ألف مرة قبل أن يتعدى على حريات الشعب وكرامة الإنسان بشكل عام.
إن الإنسان أغلى ما في الوجود والشعب سيد البلاد التي هي موطنه، هذان الشعاران والمفهومان حضاريان استقرا في بلاد عربية كثيرة منذ عهود طويلة، نريد لهما أن يستقرا أيضا في جميع أقطار وطننا العربي، والإنسان فيه يولد حراً نريد له أن يبقى حراً فالحرية أساس الوجود.
إن المواطن والشعب الحر مرتبطان ببعضهما يتحقق أحدهما بوجود الأخر فلا يتصور وجود الشعب الحر من غير مواطنين أحرار، ولا يمكن ضمان الحرية للمواطنين إلا في نظام حر لا تكون فيه سلطة الحاكم إرادة شخص معين وإنما إرادة مجموع الشعب، هذه النتيجة التي نريد أن نصل إليها لا تتحقق بالتمنيات فلا بد من أن تعمل لها كل النخب المثقفة والقوى الشعبية والوطنية على صعيد الوطن العربي من أجل الوصول إلى هدف إقامة الحكم على أساس إرادة الشعب، وأن تتحمل كامل مسؤولياتها.
فالمطلوب إذن هو انطلاقة حقيقية واعية من أجل تعزيز حق الإنسان (المواطن) العربي من أجل مبدأ سيادة القانون في الوطن العربي، حيث أن الديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد ترفاً ثقافياً أو موضوعاً يهم المثقفين فقط بل هي ضرورة حيوية لنهضة الأمة والخروج بها من أزمتها.
وعلينا أن نعلم أن حرمان المواطن العربي من حقوقه وحرياته الأساسية سوف يؤدي إلى تطويعه وشل قدراته وتطلعاته العامة وبالتالي تقزيم الأهداف الوطنية والقومية، وعليه فإن الطريق للخروج من الأزمة الخانقة التي تمر بها الأمة لا تكون بمحاولة القفز مباشرة إلى الحكم وإنما بمحاولة حل أزمة المواطن من أجل إعادة الحركة في نفسه الساكنة والحياة إلى روحه المستكينة المستسلمة، وعلينا أن نتعاون ونعمل فيما بيننا من أجل ضمان الحد الأدنى من حقوق المواطن وحرياته الأساسية والتي من خلالها وفي ظل معطيات الواقع المختلفة يمكنه أن يقف على قدميه مرة أخرى ويستعيد ثقته بأمته ومستقبلها.         
                  



الأحد، 17 أغسطس 2014

غزة صامدة رغم الحصار.. كرامة الأمة



غزة صامدة رغم الحصار.. كرامة الأمة
بقلم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
إذا كان الصراع السياسي هو تصادم إرادات وقوى خصمين أو أكثر حيث يكون هدف كل طرف من الأطراف تحطيم الأخر كلياً أو جزئياً تتحكم إرادته بإرادة الخصم ومن ثم يمكنه أن ينهي الصراع بما يحقق أهدافه وأغراضه. 
قامت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) بفرض حصار خانق على قطاع غزة منذ سبعة أعوام تقريباً، فقطعت عنه الدواء والماء والغذاء، معرضة قرابة (1.5) مليون فلسطيني إلى خطر الموت جوعاً ومرضاً غير مكترثة بما يشكله هذا الحصار من جريمة ضد الإنسانية بطابع العقاب الجماعي مع أن القانون الدولي يفرض عليها مسؤولية الحفاظ على حياتهم، وعدم تعريضهم للقتل والتعذيب والعقاب الجماعي.
إلا أن الأمم المتحدة وحتى اللحظة لم تتمكن من وضع آلية فاعلة لحمل كل الدول على تنفيذ تعهداتها بموجب تلك المواثيق، اسوة بالعقوبات التي تفرضها الدول على من ينتهك قانونها الوطني، لكن أجهزة الأمم المتحدة ما تزال ترزح تحت هيمنة الدول الكبرى وسيادة (القوة) لا القانون، وما تزال (إسرائيل) تصر على التنصل من الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني في كل حروبها، والهجوم الأخير على غزة كان مثالاً واضحاً على ذلك، فهو انتهاك لاتفاقيات جنيف، ولكن يبقى الأمل معلقاً على المحكمة الجنائية الدولية.
وتصاعدت وتيرة الحرب تدريجياً، كما اتسع نطاقها في الأيام التالية، مستهدفة المباني السكنية والمشافي ودور العلم والمساجد، مما يشير إلى أن النية تدمير غزة قبل غزوها برياً، نحن بحاجة إلى أن ندرك أن ما قامت به (إسرائيل) في هذه الحرب هو قتل مجتمع بأكمله بواسطة أدوات عسكرية واقتصادية واجتماعية ونفسية، والقضاء على أكبر عدد من سكانه.
لقد خرقت (إسرائيل) والتي تساندها الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب أهم الأعراف والقوانين الدولية، التي نصت على أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه، وبحسب تصريحات مسؤولين ومتحدثين رسميين أن هذه الحرب لم تكن لاستهداف الشعب الفلسطيني بل لاستهداف المقاومة التي تقوم بإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، لضرب الروح المعنوية للجبهة الداخلية، وذلك من أجل تبرير ما يرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وهذا هو أسلوب التضليل وهو التلاعب بالألفاظ حتى لا يعتقد أنه إعلام كاذب حيث يتم دائما طرح البقاء وأمن (إسرائيل) في مواجهة الجماعات الإرهابية.   

إن الذين يرقدون في المستشفيات ينالون رعاية أولية فقط من مرافق تفتقر إلى المعدات والمواد والأطقم الطبية وليس في وسع الكثيرين من أولئك الذين لا تستطيع مستشفيات غزة تلبية حاجاتهم الطبية بما فيها جراحة القلب والأعصاب، وقد سمح لعدد قليل من المرضى المصابين بجروح حرجة بالخروج إلى كل من مصر والأردن والضفة الغربية منذ بداية العمليات العسكرية، بالرغم من مناشدات من تركيا وقطر لاستقبال الجرحى.
 لقد بلغت البنية التحتية المتعلقة بالماء والكهرباء والصرف الصحي وهي متهالكة من قبل بفعل الحصار، نقطة الانهيار وقد حذر البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية من العواقب التي ستنجم عن ظهور أوبئة بسبب انقطاع اللقاحات وتوقف جمع النفايات وتلوث المياه.
أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يتحملان الجزء الأكبر من المسؤولية الدولية عن حالة الحصار المفروض على قطاع غزة، فأمريكا مسؤولة بحكم تشجيعها (لإسرائيل) على الحصار، لكن هذه الحقيقة لا تعفي العرب من مسؤولياتهم أيضاً عن الدعوة بفك الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال تفعيل النداءات الدولية لمنظمات حقوق الإنسان لتطبيق العدالة الدولية، والعرب مسئولون لعدم إبداء الواقعية الكافية في مواجهة الحصار.
إن التواطؤ الدولي في الحصار على قطاع غزة، والصمت العربي المهين عن الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وعجز الموقف العربي عن مواجهة الحصار، جعل قادة (إسرائيل) يتمادون في تشديد الحصار على قطاع غزة وإدارة ظهورهم لجهود السلام، وهذا يعني أن الصراع العربي أصبح صراع شعوب وليس حرب جيوش والأنظمة عاجزة وخائفة، فلا مجال لمبادرة السلام، ولا لمفاوضات ولا لوعود.