نازحو
سوريا بين القتل والجوع
بقلم: أيمن هشام عزريل
النازحون هم من يعيشون
الغربة، حيث تركوا ديارهم ومصالحهم كما تركوا
الأرض التي أعطوها جل حياتهم، فأعطتهم مقومات الحياة، وهكذا كتب عليهم صفحة أخرى
جديدة من صفحات الحياة خارج مساكنهم.
أو هم أشخاص أو مجموعات أجبروا على هجر ديارهم أو
أماكن إقامتهم المعتادة فجأة أو على غير انتظار بسبب صراع مسلح أو نزاع داخلي أو انتهاكات
منتظمة لحقوق الإنسان أو كوارث طبيعية.
قصص هؤلاء النازحون تتنوع تماما كتنوع ظروف نزوح
كل واحد منهم، فالمخيمات التي يعيش أبناؤها أوضاعاً
مأساوية، وظروفا معيشية صعبة، بعد أن تقطعت بهم السبل، فكان مصير جزء منهم الهرب
من جحيم الأرض فشدّهم البحر إلى قاعه، وجزء آخر ما زالوا يرتقون شهداء يوما بعد
يوم، فيما يخطفهم الموت البطيء واحدا تلو الآخر في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة
والكرامة الإنسانية واشتداد الحصار والضنك.
نكبة
تتلوها نكبة، يلحقها قصف ودمار وحصار وتهجير بحق المخيمات الفلسطينية في سوريا
وخاصة مخيم اليرموك، الذي يتعرض لمسلسل دام ذو أحداث مأساوية. إن مأساة شعبنا الفلسطيني في سوريا كبيرة جداً، وكان
التركيز على تحييد المخيمات وأن لا تدخل في الصراع الداخلي الخاص بسوريا.
ويذكر
أن مخيم اليرموك الذي كان يقطنه قبل الحرب في سوريا حوالي نصف مليون لاجي فلسطيني
مع إخوانهم السوريين، لكن دفعت التطورات الجارية معظم سكان المخيم لمغادرته
فيما حوصر آخرون داخله، ولم يتبق منهم هذه الأيام إلا ما يقارب 20 ألفاً من السكان،
يعيشون حالة حصار مطبق، فيما تزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً نتيجة النقص الحاد
في المواد الغذائية ومختلف اللوازم الطبية والأدوية، الأمر الذي دفع بهم لأكل
أوراق الشجر ولحم القطط والحمير والكلاب، بعد أن بلغوا مرحلة الاضطرار المفضي إلى
الهلاك.
فالذريعة
أن الهدف تطهير المخيم من تنظيم مسلح، ليس سوى كذبة وخدعة ونفاق لا أساس لها، ولكن
المحاولة جاءت للزج بالفلسطينيين داخل لعبتهم الخاصة، كونهم يدركون تماما أن
السيطرة على المخيم لن تدوم طويلا، ولكنهم سينجحون بتدمير المخيم وتهجير سكانه.
المعارضة المسلحة وأدواتها
التي دخلت المخيم، تعلم أنه لا خطر مطلقا من الفلسطينيين داخل المخيم، بل أن
الغالبية المطلقة من قوى وأفراد سكانه لم تتجاوب مع رغبة أي تنظيم بالتسلح، علما
أن المعارضة السورية المسلحة تدرك جيدا، أن
هناك أطرافا إقليمية ودولية، لها هدف يتصل بالقضية الفلسطينية في المخطط السائد،
خاصة أمريكا وبعض العرب الذين يسعون لخلق وقائع سياسية تفرضها على الشعب الفلسطيني
من حركة تهجير إجبارية في أكثر من منطقة، للتمهيد من أجل تنفيذ مشروعهم الدائم
والتاريخي لتوطين الفلسطينيين خارج أرضهم وبلدهم، وهدف مباشر بات يقترب أكثر فأكثر
بمسميات مختلفة، وما يحدث في مخيم اليرموك هو مقدمة لفرض تهجير جديد، فهذه جريمة كبرى يجب
مقاومتها بكل السبل.
وعلى الجماعات المسلحة في المخيم، اتخاذ خطوة
جريئة وتسجيل نقطة ذهبية بالانسحاب من المخيم لتجنب أهله ويلات الحرب، وأن يقوم
النظام بفك الحصار عنه، والسماح بدخول الطعام والمساعدات للمخيم، دون أي إشكاليات
بعيداً عن الصراع، وأن تتدخل عدة أطراف، في ظل تراجع مسئولية المنظمات الدولية على
رأسها الأنروا التي تركت أهل المخيم يواجه مصيره المحتوم دون أن تحرك ساكناً.
الاسم:
أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق