الأحد، 6 ديسمبر 2015

السيادة الوطنية والعلاقات الدولية

السيادة الوطنية والعلاقات الدولية
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   المترقب للأحداث الصغيرة والكبيرة على السواء يجد أن الخلل والاضطراب في العلاقات الدولية لا بد وأن يقود حتماً لمواجهة شاملة وبعبارة أخرى أن يجد وجهاً للشبه بين الأحداث اليومية المتلاحقة وبين الفترة الزمنية التي سبقت كلاً من الحربين العالميتين الأولى والثانية، أو كالذي يقول ما أشبه اليوم بالبارحة، فوجه الشبه في هذه الفترة في هذا العالم المضطرب الذي نعيش فيه ونتعايش معه نفس الفترة التي اعقبت الحرب العالمية الثانية والتي تشكلت خلال سنواتها وحتى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي ملامح وأسس النظام الدولي الذي هيمن وسيطر في تلك الفترة حتى لقي ضربته القاضية وهي انهيار الاتحاد السوفيتي وزواله من الخريطة السياسية لعالم اليوم.
   ففي أعقاب الحرب التي يخرج منها منتصر ومهزوم لا بد وأن تترتب نتائج وأثار يبدو بعضها واضحاً للعيان ملموس الأثر فوري التحقق ويستغرق بعضها الآخر وقتاً، يطول أو يقصر، يحاول فيه الفرقاء، وغيرهم أن يضعوا أسساً جديدة للعلاقات فيما بينيهم وأن يثبتوا أوضاعاً إقليمية أو ينشئوا أوضاعاً جديدة بقدر ما تسمح الظروف وفوق هذا وذاك فإن العلاقات الاقتصادية وأوضاع التجارة العالمية تستحوذ اهتماماً خاصاً وتستأثر بجانب كبير من الجهود فالاقتصاد كان وما زال وسيبقى عصباً للسياسة.
   وقد أثبتت التجربة أن القوة الاقتصادية لا تقل عتواً عن القوة العسكرية وتجربة ألمانيا واليابان منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الأن هي خير شاهد ودليل وانطلاقاً من هذا نستطيع أن نفسر الكثير مما يدور حولنا في هذا العالم الذي يموج بالاضطرابات فهو في جانب يحاول خلق أوضاع إقليمية جديدة تتفق مع مصالح المنتصرين أو ترضي غيرهم ممن يرتبطون بهم، أو هي محاولات لتثبيت أوضاع إقليمية كانت أو ما زالت تفتقر إلى الشرعية، والكثير مما يدور يحمل في طياته ملامح الصراع لاقتصادي والتنافس على الأسواق والسعي لتأمين المواد الأولية، وإذا كان القانون الدولي قد واجه وما يزال يواجه معضلات وتحديات عصر ما، قد ارتبط القانون الدولي بهذه النظرة رؤية موازية ومماثلة إلى هيئة الأمم المتحدة حتى بدا أن الولايات المتحدة ترغب في تعديل ميثاق الأمم المتحدة واستبداله بميثاق جديد يناسب مقامها الحديث في إطار العلاقات الدولية، وتربعها منفردة كقوة كبرى وحيدة لا ينازعها فيه أحد حتى ولو كان من أقرب حلفائها الأوروبيين ناهيك عن المارد العملاق الأصفر.
   وتصاعد اتجاه يقول أن مبدأ سيادة الدولة يجب أن يفهم في حدود القانون الدولي القائم، وهو ذات المعنى الذي سبق أن اشارت إليه المحكمة الدائمة للعدل الدولي في أحد أحكامها عندما قررت أن على الدولة أن لا تتجاوز الحدود التي رسمها القانون لصلاحيتها، وأن تصرفاتها ضمن تلك الحدود تدخل في سيادتها ، وهو ما يعني أن السيادة فكرة قانونية محدودة ونابعة من القانون الدولي، وخاضعة له، وهو ما شجع على القول بأن مبدأ السيادة قد زال عنه طابعه العتيق المطلق وأن الدولة، في المجتمع الدولي المعاصر، قد أصبحت دولة قانون تلتزم بأحكام دولية حددها القانون الدولي وقواعده العامة، وقد تجاوز البعض هذا الحد إلى القول بأن السيادة في طريقها إلى زوال تحت تأثير المتغيرات الجديدة لتحل محلها فكرة المصلحة العالمية.
   إن المجتمع الدولي اعتاد أن ينصت اليوم لخطاب التهديد والوعيد الأمريكي الموجه إلى الدول بعينها، أذا لم تمتثل لأمور معينة، وهنا تكمن الخطورة الذي يحاول من خلالها أن يخترق ما بقي من السيادة الوطنية على اعتبار أن السيطرة الأمريكية على مقدرات العالم الراهن وإمساكها بزمام الأمور فيه يفترض بالضرورة إضعاف مبدأ السيادة الوطنية إلى أبعد مدى بحيث لا يكون هذا المبدأ عقبة أمام انسياب قانون دولي أمريكي جديد، يختلف في أسسه ومنطلقاته عن القانون الدولي الذي تواضع المجتمع الدولي على العمل بموجبه والانصياع لأحكامه هذا القانون لا يتوقف طويلاً أمام مبادئ السيادة الوطنية ولا يلقى باللامساواة بين الدول أو لوجوب الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية ولكنه يكثر الحديث عن حقوق الإنسان، وعن الدول التي لا تلتزم بتطبيق أحكام ومعايير حقوق الإنسان ووجوب إنزال العقاب بها وتغيير النظم الحاكمة فيها وهذا ما يدل على أن الأمم المتحدة هي ربيبة الولايات المتحدة الأمريكية فقد قادت الولايات المتحدة الأمريكية الدعوة لإنشاء الأمم المتحدة.
   وأن ما جرى من أحداث الحادي عشر من أيلول وثم حرب أفغانستان والعدوان على العراق جاء لقلب الموقف الأمريكي ازاء الأمم المتحدة رأساً على عقب، ليظهر عجز الأمم المتحدة عجزاً كلياً عن الوقوف في وجه الطموح الأمريكي الجرف لتجاوزها الأمم المتحدة والعمل منفردة وخارج إطار الأمم المتحدة، مما بدا واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تلقى بالأمم المتحدة، فعلى الولايات المتحدة أن تعيد حساباتها على أسس أخرى مختلفة ملتزمة بالشرعية الدولية، والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي حتى لا تنساق مرغمة إلى هذا الموقف الذي يسجله لها تاريخ الأمم المتحدة في صفحاته الأشد سواداً.      
   




الجمعة، 20 نوفمبر 2015

نظرة إلى المستقبل

نظرة إلى المستقبل
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   يعيش الإنسان في الوقت الحاضر في عالم متغير، وتحت تأثيرات اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، وسياسية، وقد تعقدت الحياة التي يعيشها الإنسان وتحولت من البسيطة إلى المركبة ولم يعد الإنسان قادراً على تحقيق هدفه، ولم تعد الأهداف قادرة على أن تجلب الطمأنينة والأمن النفسي، إن أكثر الأفراد قدرة على التكيف هم أولئك الذين يستجيبوا لزمانهم ويعيشونه حقاً ويحسون شوقاً وحنيناً للمستقبل ليس قبولاً واستسلاماً لكل أهوال الغد ولا إيماناً أعمى بالتغير من أجل التغيير بحد ذاته، وإنما فضولاً قوياً واندفاعاً نحو معرفة ماذا سيحدث في المستقبل فكلما كان التفكير في المستقبل بموضوعية أكثر كان الواقع أكثر راحة وتأكيداً لمشاعر الاطمئنان والتوازن.
   يتطور قلق المستقبل بشكل تدريجي مع الزمن ومع ازدياد المخاوف والمسببات التي تؤدي
إلى هذا القلق، وتنعكس هذه الحالة وتلك الميول حتماً بشكل سلبي على التطور الاجتماعي – والسياسي في البلد عموماً، مما يؤدي إلى ترك الشباب لوطنهم والهجرة إلى الخارج بسبب تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، وقلق المستقبل هو ميل فطري للتعامل مع الخوف، ويبدو أن هذه المخاوف تزداد مع الزمن لأن قائمة الأحداث غير السارة كثيرة جداً.    
   يوجد تشابه بين الخوف من الفشل وبين قلق المستقبل، ففي ظل الثورة العلمية والمنافسة الشديدة أصبح من الضروري للفرد أن يجد لنفسه مكاناً مميزاً وقد أشير إلى أن الفشل يؤدي إلى فقدان الفرد الثقة في نفسه وفي الآخرين، كما أن خبرات الفشل المتكررة تجعل الشخص عرضة للقلق ويشعر بعدم الاهتمام والإحجام بصفة عامة عن عمل أهداف واقعية لنفسه، كما ان الأفراد الذين يعانون الخوف من الفشل يفتقدون الدافعية للإنجاز والنجاح حيث يعتقدون أن النجاح يعتمد على الحظ أو على عوامل خارجية وليس على قدراتهم أي إن مركز الضبط لديهم خارجي كما أنهم يشعرون بأنهم غير قادرين على التحكم في مستقبلهم؛ وبالتالي تفتر همتهم، وتقل دافعيتهم، وتحبط رغبتهم بالعمل والنجاح، وهذا ما يخلق حالة من الاستسلام والعجز والميل إلى الرضا بالوضع الراهن دون تحسينه، ومن ثم انخفاض الدافعية للإنجاز.   
   ويؤثر التشاؤم سلباً في سلوك الإنسان وصحته النفسية والجسمية، والنظرة التشاؤمية للمستقبل تجعل الفرد عرضة للاكتئاب واليأس والانتحار، حيث يتصف المكتئبون بتعميمهم الفشل والنظرة السلبية للحياة والذات والمستقبل، و يمكن القول أن من لديه هذه النظرة السلبية للمستقبل قد يترتب على ذلك هبوط روحه المعنوية وتناقص دافعيته للعمل.
   إذا افترضنا أن الأمل هو النقيض لليأس، وإذا افترضنا أن الأمل يتشابه مع التفاؤل (وهو ليس التفاؤل)، من حيث كل منهما نزعة استبشار، وتوقع النتائج الايجابية، إلا أن الأمل حالة من الوجود الإنساني، وإذا كان التفاؤل هو العكاز الذي يستند إليه الفرد عند مواجه الأزمات التي تحول بين الفرد وبين الهدف، فأن الأمل هو إنتاج طرق جديدة إذا فشل المسار الأصلي لتحقيق الهدف.
   وتبدو العلاقة بين الأمل والخوف متفرعة ومرنة، فالأمل أكثر ارتباطاً بالخوف من التفاؤل، فالخوف والأمل مكملان لبعضهما البعض، حيث أن كلاً منهما يتضمن مكونات تتعلق بالمستقبل، وتتضمن هذه العوامل أعباء المعيشة، وأزمة البطالة، وقلة الدخل، وغلاء الأسعار وطغيان الماديات، والعلاقات الاجتماعية القائمة على مبدأ (النفعية).

   وفي ظل هذه التساؤلات يصبح القلق من المستقبل، ومن المجهول واضحاً، حيث يتساءل الفرد: هل سيلحق بهذه المتغيرات، هل سيمتلك الأدوات اللازمة للسيطرة على مستقبله؟ أم أنه سينظر لنفسه والمستقبل والعالم بنظرة توجس وقلق؟ هل ستختفي القيم والتفرد ويبقى لكل واحد فينا خصوصيته أم أنه سيسود الجانب السلبي من العولمة الذي هو تنميط العالم بحيث يصبح العالم كله وحدات متشابهة وهذه الوحدات (البشر) هي أصلاً وحدات اقتصادية لا تتسم بأي خصوصية، وليس لها ذاكرة تاريخية أو أخلاقية، وذلك لتصبح الحدود بلا قيود لأن الخصوصية الثقافية والأخلاقية تعوق الانفتاح العالمي.

الأحد، 1 نوفمبر 2015

تعزيز الوحدة الوطنية

تعزيز الوحدة الوطنية
بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
   إن ما صرنا إليه اليوم من الوهن والهوان ما كان إلا لانتشار آفتين في مجتمعاتنا هما آفتا الجمود والجحود اللتان تمثلان الابتعاد عن المنهج والركون إلى الإفراط والتفريط، فالناظر لطبائع الناس وأفكارهم بمختلف ثقافاتهم ومجتمعاتهم يلاحظ مظاهر التطرف والغلو ليس في التدين- فحسب بل حتى في معاملتهم فيما بينهم وعلاقاتهم الاجتماعية المختلفة الأمر الذي أدى إلى وقوع مزيد من الأزمات- والمشاكل ولا خلاص من ذلك كله إلا بالعودة إلى الاعتدال في جميع الأمور فكراً وسلوكاً.
   أن من التعاريف بالوحدة الوطنية هي طاعة القانون في أطار الحرية الممنوحة منه على أن يتوافق القانون مع منطق العدل الذي هو منطق التاريخ، والمشكلة الأساسية التي يقتضي إدراكها أن الانقسامات في أي مجتمع حالة طبيعية إذا ما كانت محكمة بضوابط وشروط الصراع السلمي، الهادف للتغيير والإصلاح وهي من سمات المجتمعات الحية المتطلعة للبناء العصري وتجاوز عوامل الفرقة والاختلاف وصولاً للوحدة الوطنية لقيادة العملية السياسية والتعامل مع أزمات البلاد المتعددة بمنظور واحد وبرنامج ومنهاج موحد يمتلك قدرة التعامل مع المشكلات التي تتعرض لها أوضاع البلاد. من خلال ما تقدم نلاحظ إن الوطنية هي شعور عاطفي بالحب للبلد أو الإقليم الذي يعيش عليه الفرد.
   أن المعايير التي تقوم عليها النظم الديمقراطية المعروفة والمألوفة في عالمنا المعاصر (كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية- ألمانيا– سويسرا- البرازيل- الهند وغيرها) تقوم على أساس جغرافي (ولايات– أقاليم– محافظات-… الخ) وليس على أساس قومي عنصري ولا على أساس ديني طائفي. وبقدر تعلق الأمر بفلسطين فإن المطروح اليوم فيما يخص المطالبة بالوحدة الوطنية صيغ متعددة والمطلوب من القوى السياسية والوطنية تفضيل صيغة الديمقراطية لكل فلسطين. من هنا تأتي أهمية الدعوة للجميع للانشغال أساساً بالديمقراطية وبالبناء، وهذا الانشغال سيكون كفيلاً بحل كافة الموضوعات والخلافات.
   تعد قضية ( الوحدة الوطنية) في فلسطين من أعقد المشكلات الحديثة، ويعود ذلك لأسباب عديدة أبرزها: التكوين السياسي، إذ تقع على النظام السياسي وبدرجة أساسية مسئولية تحقيق التعايش السلمي والوحدة الوطنية، فطبيعة النظام السياسي وخياراته وسياساته تلعب أدواراً أساسية إيجاباً أو سلباً في توفير المناخ الوفاقي والتعايش السلمي، أو تفكيكه وتمزيقه، فالنظام السياسي الذي يمثل قيم ومصالح وهوية الجميع، ويلبي حاجاتهم ويشبع رغباتهم ويحقق أعلى درجات العدالة والمساواة فيما بينهم، سيكون قد خطى خطوات متقدمة في طريق تعميق مشاعر الولاء والانتماء للوطن.
   والنظام السياسي الذي ينطلق في سياساته وخياراته من مفهوم الدولة للجميع وبالجميع، ويؤسس وظائفها وأدوارها المختلفة تبعاً لذلك المفهوم، ويفتح مشروعاتها ومؤسساتها وهياكلها ومناصبها ومسؤولياتها لكافة مكونات المجتمع دون تحيز لهذه الفئة أو تهميش لتلك، سيكون قد قطع شوطاً في خلق شعور الإنصاف والعدالة بين مواطنيه. والنظام السياسي الذي يبسط مبدأ الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقة بين المركز والاطراف ويعمل على ترسيخ النظام اللامركزي تحقيقاً للتوازن والتوافق في توزيع الحقوق والواجبات والمهام الوطنية، ويعطي الاطراف والأجزاء هامشاً أوسع في تملك وتسيير المؤسسات الإدارية والوظائف الحياتية ( المعرفة، السلطة، والثروة) سيكون أكثر إقناعاً بإمكانية تحصيل وحدة وطنية حقيقية وإيجابية، وبالمقابل فإن تجارب الأنظمة الدكتاتورية دون استثناء برهنت صعوبة – إن لم يكن استحالة – بناء وحدة وطنية حقيقية ومعتبرة، بل أن شواهد التاريخ البعيدة والقريبة تؤكد بجلاء بأن الأنظمة الدكتاتورية تمثل أقصر الطرق إلى انقسام وتفكك المجتمعات والدول بل وتناصرها وتقاتلها.
   النظام السياسي وحده لا يمكن أن يخلق كل شروط ومتطلبات الوحدة الوطنية، وإنما هو بحاجة إلى جهد الشعب بكافة مكوناته باحتسابه المكون الأساسي للدولة، فالشعب برموزه الدينية والشعبية، وفعالياته السياسية والفئوية، يمثل ركن أساسي وعمود فقري في تعزيز التماسك الداخلي وتعميق خيار التوافق الأهلي، وفق عدد من الالتزامات منها: أن تتهيأ مكونات الشعب المختلفة لقبول بعضها البعض نفسياً وعقلياً وسلوكياً، فالقبول يعني بالضرورة الاعتراف بالأخر وجوداً وفكراً ومشاركة، واحترام ما يحمله من توجه وما يتخذه من مواقف في أي مجال كان، ومن ثم تأتي خطوة هامة تتمثل في تفعيل وتنشيط صيغ التفاعل والتضامن اجتماعياً وسياسياً وثقافياً ووطنياً، إذ لا تعايش بدون انفتاح وتواصل وتفاعل.
   وهنا تبرز أهمية تأسيس نمط العلاقات بين مكونات الشعب المختلفة على قاعدة التعايش والتساكن والتسامح والتعددية وصيانة حقوق الإنسان والشراكة الوطنية القائمة على قاعدة الوفاق والتفاهم والثقة والمسؤولية المتبادلة الموصلة إلى مفهوم الـ(نحن)، فحقائق الوحدة الوطنية وتجلياتها لن تبرز إلا برسوخ تلك القيم وتجذرها اجتماعياً باحتسابها بوابة توفر الظروف الذاتية والموضوعية لإيجاد مناخ ثقافي ونفسي، وبيئة اجتماعية ووطنية تسمو دوماً فوق كراهية الماضي وتتجاوز استقطابات اللحظة والحدث العابر، وتطوي محطات التوتر والهواجس والشكوك القديمة منها والحديثة، وتتصدى بشكل مباشر أو غير مباشر لدواعي الانقسام والتشرذم، وللنزعات المخلة بالنسيج الوطني ولكل سلوك ينخر جدار الوحدة الوطنية.
   وهنا لامجال لتجاوز الحوار كمقوم أساسي من مقومات الوحدة الوطنية كونه يسبغ شرعية على الاطراف المتحاورة فالحوار مع طرف يعني سياسياً الاعتراف بوجوده، والرغبة في التواصل معه، والحوار كمبدأ وأسلوب ووسيلة لا غنى عنه حاضراً أو مستقبلاً في معالجة المشكلات البينية وتضميد الجروح وتفعيل الحراك السياسي والاجتماعي، فضلاً عن أن الحوار أسلوب مهم للتعرف على القواسم المشتركة وقيم التعايش الأساسية، وبالتالي تحديد المساحات المشتركة التي يجب تنميتها وحمايتها على الدوام، فالعنف كما يقولون يبدأ عندما ينعدم الحوار أو تتعطل ايجابياته.

   وفي الختام إن تحقيق الوحدة الوطنية في مجتمع يتطلب غرس قيم مشتركة لعموم المجتمع بشكل لا تتصادم مع القيم الفرعية لكل جماعة اجتماعية أو تلغيها وإنما تصهرها في بوتقة واحدة لمصلحة المجتمع ككل، وهذا يتطلب جهوداً متواصلة اجتماعياً وسياسياً بشكل يضمن العدالة التوزيعية ويضمن إيصال الحقوق الأساسية لفئات المجتمع كافة دون تفضيل فئة على أخرى، مما يسهم بالمحصلة النهائية في إرساء وتعزيز مقتربات الوحدة الوطنية بين جميع أطياف ومكونات المجتمع الفلسطيني مستقبلاً، الأمر الذي سيؤدي إلى تحفيز مدركات الوحدة الوطنية وتحقيقها بالشكل الأمثل بما يخدم طموحات وتوجهات المجتمع الفلسطيني للمرحلة القادمة.

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

استخدام محاسبة القيمة العادلة على ملاءمة معلومات بيانات الدخل

استخدام محاسبة القيمة العادلة على ملاءمة معلومات بيانات الدخل
The Use of Fair Value Accounting on the Appropriateness of the Income Statement Information
إعداد الباحثين:
د. ساهر محمد عقل
أ. أيمن هشام عزريل
Dr. Saher M. Aqel
Ayman H. Ozreil
دكتوراه محاسبة
ماجستير محاسبة
جامعة القدس (أبوديس)-فلسطين
مديرية التربية والتعليم-سلفيت
إيميل للمراسلة: uzrail@hotmail.com
المقدمة:
   شهد العالم في نهاية الألفية الثانية مظاهر وأحداث هامة مترابطة تمثلت في نظام العولمة وما انطوى عليه من هيمنة اقتصاد السوق وانتشار اقتصاد المعرفة وإزالة الحواجز عبر الحدود القطرية لتعبر منها السلع والخدمات والاستثمارات بحرية، وكذلك تطور الأسواق المالية وترابطها إلى حد أنه إذا ما أصاب أحدها حدث ما تداعت إليه الأسواق المالية الأخرى، لقد أوجبت هذه المظاهر والمستجدات على المهنة أن تكون على مستوى تتمكن فيه تلبية حاجات العولمة وما أفرزته من تطورات، (خوري، 2009).
   وتعتبر المحاسبة علماً من العلوم الاجتماعية ومهنة من المهن الأساسية في معظم المجتمعات، إذا لم يكن في مجملها، لذا كان لزاماً على المحاسبة أن تحاول باستمرار المواءمة بين المقومات العلمية والعملية لها من ناحية، وبين نماذج التطورات الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى، وبين تطورات احتياجات المستخدمين لمعلوماتها من ناحية ثالثة، وإلا فقدت هذه المهنة أهميتها وفعاليتها، (درويش، 2007).
   لقد نوقش موضوع محاسبة القيمة العادلة في الولايات المتحدة الأمريكية على مدار أكثر من عقد من الزمن، خاصة من قبل مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB)، ومجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB)، حيث فرضت محاسبة القيمة العادلة جدلاً كبيراً في الصناعة، وتحديات كثيرة للمهنة، والمؤيدين لمحاسبة القيمة العادلة يعتقدون بأن القيمة العادلة تعتبر مقياساً أكثر ملاءمة للإبلاغ المالي، ويعتقد آخرون بأن التكلفة التاريخية تقدم مقياساً أكثر فائدة، فهي تمثل اقتصاديات أداء منظمة الأعمال، لأن القيمة العادلة قد لا تكون موثوق بها، أو قابلة للصحة والتحقق، (أبو زر، 2008).
   وتعرف القيمة العادلة في ظل معايير المحاسبة الدولية بأنها: المبلغ الذي يمكن أن يتبادل به أصل ما بين مشتري وبائع يتوافر لدى كل منهما الدراية والرغبة في إتمام الصفقة، وتتم الصفقة في إطار متوازن، وتعرف الصفقة المتوازنة في هذا الإطار بأنها صفقة تتم بين أطراف غير ذوي تبعية وتتم بين مشتري راغب وبائع راغب وكلاهما يعمل للحصول على منفعة لنفسه، ويبنى التسعير في مثل هذه الصفقات على أسس القيم السوقية، وذلك لأن التفاوض يتم على أفضل الشروط وفي ظل ظروف طبيعية، (حماد، 2003).
الدراسة:
مفهوم القيمة العادلة:
   جاء استحداث مبدأ القيمة العادلة لمواجهة القصور في التكلفة التاريخية التي لم تستطع التعبير عن المركز المالي للوحدة بشكل يمكن الوثوق فيه، كما أنه بالنظر إلى ما فرضته التوسعات الكبيرة في الاستثمارات على وظيفة المحاسبة حول ضرورة وقوف المستثمرين وحملة الأسهم على حقيقة المركز الحالي الحقيقي للوحدة الاقتصادية وما يطرأ على أموالهم من تغيرات، فقد أصبحت المحاسبة التقليدية المبنية على أساس التكلفة التاريخية غير قادرة على  الوفاء بتلك المتطلبات، الأمر الذي يعزز التحول نحو القيمة العادلة، هذا ولا يوجد من الناحية النظرية اتفاق بين المحاسبين والمهنيين، والمنظمات المهنية والباحثين على مفهوم أو تفسير محدد للقيمة العادلة، أو طريقة محددة لتقديرها بسبب تعدد العوامل المؤثرة في القيمة العادلة للأداة المالية، إضافة إلى تأثيرها على خصائص المعلومات المحاسبية اللازمة في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية، وفي هذا المجال فقد عرفت القيمة العادلة منذ نشأتها لمدخل للقياس المحاسبي بأنها: قيمة النقد المتوقع الحصول عليه في حال تم بيع الأصل بتاريخ إعداد القوائم، وتعرف أيضاً بأنها المبلغ الذي يمكن استلامه من بيع أصل ما عند وجود رغبة وقدرة مالية بين مشتري وبائع وذلك في ظل عدم وجود ظروف غير طبيعية مثل التصفية، أو الإفلاس، أو ظروف احتمالية، أو هي السعر الذي يتم من خلاله تحويل أصل ما من بائع راغب في البيع إلى مشتري راغب في الشراء، وكلاهما لديه القدرة على الوصول إلى جميع الحقائق ذات الصلة ويعمل بحرية واستقلال بأنها المبلغ الذي يمكن أن يباع ويشتري به الأصل في عملية تجارية حقيقية بين طرفين راغبين على أن لا تكون حالة تصفية، وهي المبلغ الذي يتم الاتفاق عليه لمبادلة أصل ما أو تسديد التزام ما بين طرفين على إطلاع ورغبة في عملية البيع والشراء ولا يوجد بينهم مصالح، أما الجهات المهنية المهتمة بإصدار المعايير المحاسبية تعريفاً خرجت به عن المفهوم الذي قام بتقديمه مؤسسو القيمة العادلة في التعريفات السابقة، فقد عرف القيمة العادلة بأنها المبلغ الذي تقبله أطراف ذو معرفة ولديهم رغبة لمبادلة أصل، أو تسوية التزام في عمليات لا تشمل أطراف ذات علاقة مع بعضها، فقد قدم مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB ) تعريفاً مشابهاً حيث عرف القيمة العادلة بأنها المبلغ الذي يمكن أن يتم مبادلة الأصل به أو تسديد التزام بين أطراف مطلعة وراغبة في التعامل على أساس تجاري بحت، أو في إطار متوازن أو في ظل ظروف طبيعية، أو بين طرفين مستقلين حيث تتم الصفقة في إطار متوازن، وتعرف الصفقة المتوازنة في هذا الإطار بأنها صفقة تتم بين أطراف غير ذوي علاقة، أو تبعية وتتم بين مشتري راغب وبائع راغب وكلاهما يعمل للحصول على أكبر منفعة لنفسه، ويبنى التسعير في مثل هذه الصفقات على أسس القيم السوقية العادلة، وذلك لأن التفاوض يتم على أفضل الشروط وفي ظل ظروف طبيعية، من خلال تحليل التعريفات السابقة للقيمة العادلة يتضح أن مفهوم القيمة العادلة يقوم على محورين رئيسيين : الأول يتعلق بالأطراف الداخلة في الصفقة، حيث يجب أن تتم الصفقة بين أطراف غير ذوي علاقة، أي مستقلين وكل منهما يسعى للتفاوض على أحسن شروط يمكن الحصول عليها كما أن الصفقة تتم بين أطراف راغبة في عقد الصفقة ومطلعة على الحقائق الأساسية ذات الصلة، ولا توجد معلومات مهمة لدى طرف دون الآخر، وهو ما يطلق عليه تماثل المعلومات، أما الثاني فهو متعلق بالظروف التي تتم فيها الصفقة حيث يشترط أن تكون هذه الظروف طبيعية عادية، فالصفقات التي تتم مثلاً في ظروف التصفية لا تعبر عن القيمة العادلة، لأن البائع في هذه الحالة يكون مجبراً على البيع، وكلما زاد الوقت للعثور على مشتري كلما زاد ابتعاد التقدير عن القيمة العادلة، (يونس، 2011).
   وكان في ذلك الوقت أمراً مستهجناً أن دولاً نامية تطالب باتباع محاسبة القيمة العادلة في الوقت الذي لا يتم تطبيقه من دول متقدمة، للأسباب المذكورة فقد بات من الضروري إعادة التفكير في مفاهيم المحاسبة التقليدية، والقياس المحاسبي على أساس الكلفة لعدد من الموجودات، وفي تحقق الإيرادات، وفي مبدأ الحيطة والحذر، وهي فرضيات محاسبية أساسية استقرت عبر عقود من الزمن ومسلمات محاسبية لم يجرؤ أحد على الخروج عنها، وإزاء هذه الأحداث والتطورات تم تشكيل مجموعة عمل في أواخر الألفية الثانية لدراسة هذا الموضوع، وتقديم مقترحات لمعايير محاسبة القيمة العادلة، وضمت هذه المجموعة أعضاء وخبراء من دول متعددة، وتوصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن اتباع القيمة العادلة هو أكثر ملاءمة لأغراض الإبلاغ المالي وأن الالتزامات الطارئة والارتباطات المالية المتعلقة بالأدوات المالية بما فيها المشتقات المالية، والتي تظهر خارج الميزانية العامة يجب تقديرها بموجب قيمتها العادلة وإدخالها في الميزانية العامة بدلاً من أن تبقى في حسابات متقابلة خارج الميزانية العامة، (خوري، 2009).
أهم الخصائص المتعلقة بمفهوم القيمة العادلة هي:
- المبلغ الذي يمكن به بيع أو شراء الأصل بين طرفين لهما الرغبة في إتمام العملية في سوق محايد دون تدخل من أحد.
- في حالة وجود سوق نشط يمكن الاعتماد على أسعار السوق لتحديد القيمة العادلة.
- في حالة عدم وجود سوق نشط يمكن الاعتماد على تقديرات التدفقات النقدية المستقبلية للأصل مع خصمها بمعدل مناسب للوصول للقيمة العادلة.
- يمكن تحديد القيمة العادلة للأصل على أساس القيمة الحالية للعائد المتوقع على الأصل، (البشتاوي والمبيضين، 2008).
لماذا تستخدم القيمة العادلة؟
   القيمة العادلة مقياس مطلوب لكثير من الأدوات المالية، فعلى سبيل المثال الأسهم المتاجر بها في السوق، والمشتقات المالية يتم قياسها والإبلاغ عنها عن طريق القيمة العادلة، وفي وقتنا الحاضر تمتاز بالديناميكية والتقلب، سواء كنا نريد أن نشتري، أو نبيع فإن الناس يريدون معرفة كم يساوي الأصل اليوم، وهذا ما تقوم به القيمة العادلة، (أبو زر، 2008).
   ولهذا اتجه الفكر المحاسبي في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي إلى الاهتمام باستخدام القيمة العادلة في العمليات المحاسبية برمتها، أي في الاعتراف والقياس والعرض والإفصاح، (أحمد، 2009).
الإفصاحات للقيمة العادلة:
   تنبع الإفصاحات للأدوات المالية من المعايير المحاسبية التالية:
IAS
(32) الأدوات المالية – العرض
IFRS
(7) الأدوات المالية - الإفصاحات
   في حين تتم الإفصاحات للاستثمارات العقارية والموجودات الزراعية وفقاً للمعيار المحاسبي الدولي رقم (40) حول الاستثمارات العقارية، والمعيار المحاسبي الدولي رقم (41) حول الموجودات الزراعية، إن العرض والإفصاح هو أساس هام في متطلبات المحاسبة الدولية من أجل إشاعة الشفافية والانفتاح على أطياف المجتمع، ولمساعدة مستخدمي البيانات المالية على فهم المعلومات المالية، إن مبدأ الإفصاح مبني على المتطلبات التالية:
• متطلبات المعايير المحاسبية الدولية.
• متطلبات التشريعات.
• استجابة لحق الناس في المعرفة، (خوري، 2009).
مكاسب وخسائر التغير في القيمة العادلة:
   تتأثر قائمتي الدخل والتغير في حقوق المساهمين بالتغير الحاصل في القيمة العادلة للأدوات المالية نتيجة قياسها وتقييمها بالقيمة العادلة، حيث تنشأ مكاسب أو خسائر نتيجة هذا التغير، ويتم الاعتراف بها في تلك القوائم في فترة حدوثها، وتنقسم هذه المكاسب والخسائر إلى:
1. مكاسب و خسائر محققة وهي عبارة عن الفرق بين التكلفة أو التكلفة المعدلة للأداة المالية وصافي سعر البيع الفعلي لهذه الأداة.
2. مكاسب و خسائر غير محققة وهي عبارة عن الفرق الذي ينتج عن الاحتفاظ بالأداة المالية التي لم تبع والتي تنشأ بسبب حدوث تغيرات في القيمة العادلة خلال فترة الاحتفاظ بها، (يونس، 2011).
معوقات المحاسبة العادلة:
   على الرغم من التأييد الكبير الذي لاقته محاسبة القيمة العادلة وتصدرها لواجهة معظم المعايير الدولية والأمريكية والمحلية، إلا أن التطبيق العملي لها واجهه العديد من الصعوبات والمشكلات العلمية والعملية سواء في كيفية الوصول إلى تقديرات سليمة للقيمة العادلة خاصة في ظل عدم وجود سوق نشط لعناصر القوائم المالية ذاتها، (الصايغ، 2010).
   لا جدال أن أحدا لا يمكنه أن ينكر المشاكل التي تحيط بمحاسبة القيمة العادلة ومنها:
• أنه يكتنف تقدير القيمة العادلة قدر كبير من الاجتهاد، والحكم الشخصي، وإتباع أسس قياس متباينة.
• أن القيمة العادلة هي خطوة راديكالية وخروجاً عن المفاهيم المحاسبة التقليدية، وليس هنالك مبررات محاسبية نظرية تبررها.
• أن الإيرادات تتحقق من استمرارية المنشأة عبر الزمن وليس من تقلبات أسعار قصيرة الأجل.
• أن محاسبة القيمة العادلة معقدة وذات طرق مختلطة منها ما يتعلق برغبة الشركة في الاحتفاظ بالاستثمارات ومنها ما يتعلق بموضوع تقدير القيمة العادلة.
• ليس هنالك سبباً موضوعياً لإظهار الاستثمارات التي لا أسعار سوقية لها بكلفتها التاريخية، (خوري، 2009).
مقارنة بين الآراء المؤيدة والمعارضة لاستخدام القيمة العادلة في التقييم:
أولاً : الآراء المؤيدة لاستخدام القيمة العادلة في التقييم: (أحمد، 2009)
   قدمت دراسة (green and Reinstein 1998) حججاً منطقية على ضرورة التزام المنشات باستخدام مدخل القيمة العادلة كأساس للتقييم المحاسبي للأصول والالتزامات المالية، ويرى (rogerson 2000) أن استخدام مدخل القيمة العادلة في المحاسبة يساعد الشركات الأوربية على إعداد قوائم مالية مقبولة ومفهومة حول العالم، وطالب الشركات الأوربية التي ترغب في استخدام القيمة العادلة بتحديد الأصول والالتزامات التي تخضع إعادة التقييم وانعكاس ذلك في قوائمها المالية، وأكدت دراسة (Bradbury 2001) ضرورة قياس الأصول المالية بالقيمة العادلة والاعتراف بأي تقلبات في هذه القيم في قائمة الدخل بصرف النظر عن حقيقة تلك المكاسب أو الخسائر، وقد أشارت دراسة أحد مجالس الاتحاد الأوروبي (Eu's International Market Council 2001) إلى أهمية التوجه نحو استخدام المحاسبة عن القيمة العادلة كأداة لتطوير العمل المحاسبي في الشركات والبنوك، مما يعطي دراية أكثر دقة ووضوحاً للأوضاع المالية وأساليب أدائها أكثر من مفهوم التكلفة التاريخية، وقد أوصى (Ebling 2001) بضرورة استخدام مدخل القيمة العادلة في القياس والإفصاح المحاسبي للأصول والالتزامات بالمنشآت بدلاً من التكلفة التاريخية حتى لو كانت هناك أخطاء في القياس والتوقيت.
ثانياً: الآراء المعارضة لاستخدام القيمة العادلة في التقييم:
   أقام كل من (Henderson and Goodwin 1992) بعض الحجج حول عدم موضوعية القيمة العادلة والتي من أهمها أن إعادة تقييم الأصول وفقاً لمفهوم القيمة العادلة لا يتمشى مع مبدأ المحاسبة عن التكلفة التاريخية والموضوعية والملاءمة، ويؤكد (Barth 1994) على انخفاض مصداقية تقديرات القيمة العادلة بالمقارنة من التكلفة التاريخية، ويبنى حجته على أن المستثمرين سيقاومون قرارات التقييم التي تعتمد على تقديرات القيمة العادلة المتأثرة بالأحكام الشخصية، وقد أكد (Alfred 1999) على ثلاث حجج حول عدم إمكانية استخدام المحاسبة عن القيمة العادلة في الفكر المحاسبي، أولاها: أنه في حالة ظهور تغيرات غير حقيقية في القيم بعد إعادة التقييم فإن ذلك سوف ينعكس سلباً على دخل العمليات مما يؤدي إلى تشويهه، وثانيها: أن تحديد القيمة العادلة يكون أبعد عن الحقيقة، وأخيراً إذا استخدم نموذج القيمة العادلة فإنه يجب استخدامه بمفرده دون الاعتماد على نماذج أخرى في التقييم ويرى (Khurana and Kim 2003) أن معلومات التكلفة التاريخية يمكن أن تعتمد على المعلومات المتاحة داخلياً عن أسعار الصفقات التي أجريت في الماضي، والتي تلعب فيها التقديرات دوراً، وبالتالي ينجم عنها مشاكل المصداقية ونظراً لأن القيمة العادلة يجب تقديرها للعديد من الأدوات المالية التي لا يتم تداولها بصورة فعالة فإن خطأ التقدير يمكن أن يفسد قيمتها الملاءمة ويرى الباحث أن الحجج الانتقادية الموجهة للمحاسبة عن القيمة العادلة قد تكون مبنية على أن المستثمرين قد لا يرغبون في بناء قراراتهم المرتبطة بالقيمة والتقييم على أساس التقديرات الأكثر شخصية للقيمة العادلة، ويعتبر مديرو البنوك ضمن من يوجهون هذه الانتقادات، حيث أن المحاسبة عن القيمة العادلة قد تثير بعض الخلل في النظام المصرفي، كما أنها قد لا تساعد في تقدير التدفقات النقدية المستقبلية للأوراق المالية التي يتم الاحتفاظ بها حتى تاريخ استحقاقها، (البشتاوي والمبيضين، 2008).
المراجع:
- أبو زر، عفاف اسحاق، (2008)، المحاور الرئيسية للقياس المحاسبي للأصول باستخدام مفهوم القيمة العادلة في إطار محاسبة معايير المحاسبة الدولية، قسم المحاسبة، كلية العلوم الإدارية والمالية، جامعة البتراء، الأردن.
- أحمد، خالد حسين، (2009)، استخدام القيمة العادلة في قياس الاستثمارات في الأوراق المالية وأثر ذلك على القوائم المالية للبنوك حالة تطبيقية، قسم المحاسبة والمراجعة، كلية التجارة، جامعة عين شمس.
- البشتاوي، سليمان حسين، المبيضين، أحمد محمد، (2008)، تأثير محاسبة القيمة العادلة على ملاءمة وموثوقية البيانات المالية في شركات الوساطة المالية الأردنية، مجلة إدارة المال والأعمال، جامعة آل البيت، الأردن.
- الصايغ، عماد سعد محمد، (2010)، محاسبة القيمة العادلة وعلاقتها بالأزمة المالية العالمية دراسة ميدانية، مجلة العلوم الإدارية، المجلد 28، العدد 7، جامعة القاهرة، مصر.
- حماد، طارق عبد العال، (2003)، المدخل الحديث في المحاسبة: المحاسبة عن القيمة العادلة، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر.
- خوري، نعيم سابا، (2009)، محاضرة حول القيمة العادلة والإبلاغ المالي، عمان، الأردن.
- درويش، عبد الناصر محمد سيد، (2007)، تقييم اتجاهات التطور في تطبيق معايير محاسبة القيمة العادلة في إعداد البيانات المالية وانعكاساتها على الوظيفة المحاسبية-دراسة ميدانية على شركات التأمين الأردنية، المجلة الأردنية في إدارة الأعمال، المجلد 3، العدد 4، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
- يونس، خالد عبد الرحمن جمعة، (2011)، أثر تطبيق محاسبة القيمة العادلة للأدوات المالية على عوائد الأسهم، دراسة تحليلية للشركات المدرجة في سوق فلسطين للأوراق المالية، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، غزة، فلسطين.




الخميس، 8 أكتوبر 2015

ظاهرة الإرهاب وتداعياته

ظاهرة الإرهاب وتداعياته
بقلم: أيمن هشام عزريل
   إن الإرهاب والعنف والتطرف بات يفرض نفسه في الظروف الآتية أكثر من ذي قبل، وبات يشغل الرأي العام العالمي والمحلي، إن جريمة الإرهاب كغيرها من الجرائم التقليدية تشترك معها في العوامل والأسباب المؤدية إلى وقوعها.
   يرى البعض في أننا يجب ألا نسوي بين الإرهابي وبين غيره من مرتكبي جرائم العنف لأن مرتكب العمل الإرهابي كثيراً ما يعد نفسه ضحية، وينظر إلى عمله على أنه مجرد رد فعل بسيط على إرهاب أعظم ويمارس ضده، أو تمارسه المؤسسة التي ينتمي إليها المجني عليه، لذلك يواجه العمل الإرهابي ذاته العديد من الاختلافات في تحديد هويته، لذا فالعمل الإرهابي متصل بالدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالفرد، فالبناء السيكولوجي الفردي يلعب دوراً مهماً في تفاعل الفرد مع الجماعة.
   إن الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه، وهو سائد في هذه الأيام، والإحباط الذي يعيش في ظله الشباب نتيجة افتقارهم إلى الكثير من المبادئ والمثل العليا التي يؤمنون بها في سلوك المجتمع، أو سياسة الحكم والفراغ الديني والتحريض من قبل الفكر التكفيري يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ بالأفكار التي يروجون لها ويعتنقونها، كما ان غياب الحوار من قبل علماء الدين لكل الأفكار المتطرفة، ومناقشة الجوانب التي تؤدي إلى التطرف في الرأي يرسخ الفكر المتطرف لدى الشباب، فالكثير من دعاة التطرف والعنف يفتقدون منهجية الحوار، إن الجماعات الإرهابية تعتمد على فتاوى صادرة عن المنظرين والزعماء الروحيين للتنظيمات المتطرفة في شتى أنحاء العالم بقصد إباحة ممارساتهم لأنشطة محظورة دينياً وقانونياً بذريعة تمكنهم من فرصة التكفير عن ذنوبهم.
   قد يرى البعض أن أسباب الثورات والعنف السياسي هي نفسها أسباب الإرهاب والتي تشمل حسب رأيهم عدة عوامل وجميع هذه العوامل تنطلق من تعدد السبب في حدوث الظاهرة الإرهابية في أي مجتمع من المجتمعات، للإحاطة بالعوامل الخارجية لجرائم الإرهاب، تعتبر الأسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وعليها يقوم تماسكه وقوته، فإن كانت متماسكة فإن المجتمع متماسك، أما إذا كانت تلك الأسرة مفككة يسودها الجهل والمشاكل الأسرية، ويعني ذلك انهيار دورها الرئيسي في التنشئة السليمة، كما أن هناك من الأسباب الحالة الاجتماعية وما يسمى (الفراغ الاجتماعي) التي يعيشها بعض شباب اليوم، ضعف دور المدرسة في التربية والتنشئة السليمة وغرس القيم الروحية والأخلاقية، كذلك التحول الاجتماعي الذي طرأ على المجتمعات الحديثة، التنوع السكاني والتكدس في مساحات إقليمية محدودة في أحياء سكنية عشوائية.
   كذلك من الأسباب، الأسباب الاقتصادية فالاقتصاد الضعيف للدولة يهيئ للإرهاب تربة صالحة لإثارة البلبلة والكراهية ضد الدولة والمجتمع وتشجيع الطبقات الدنيا للخروج ضد الدولة والقيام بأعمال العنف والإرهاب ضد النظام العام، من أجل ذلك أيضاً تسعى المنظمات الإرهابية إلى ضرب الاقتصاد القومي وتعطيل المرافق الإنتاجية، أو الاستثمارية حتى تتمكن من التأثير على الدولة والدعوة لأهدافها السياسية، ومما لاشك فيه أن تفاقم المشكلات الاقتصادية في مجتمع ما من فقر وبطالة وديون وارتفاع الأسعار مقابل قلة في الدخل يؤدي إلى إصابة بعض الأفراد بحالات من الاحباط واليأس وإحساس بالعداء تجاه المهيمنين على اقتصاد البلد، حيث يشعرون بالفوارق الطبقية في المجتمع الذي يعيشون فيه وبسوء توزيع الثروة الوطنية والاستيلاء على الأموال العامة بدون وجه حق، مما يدفعهم إلى الرغبة في الانتقام واستعمال العنف في الاحتجاج على تلك الأوضاع المتردية واستمالتهم من قبل بعض الجماعات الإرهابية التي تستغل مثل هذه الظروف في السيطرة على الأشخاص الناقمين على الأوضاع الاقتصادية وإغرائهم بالأموال، أو تضليلهم باسم الدين للقضاء على مسببات الفساد الاقتصادي.
   علينا أن لا ننسى أن الإسلام ينبذ العنف ويدعو إلى الحوار ليس بين المسلمين فحسب ولكن بين المسلمين وأهل الديانات الأخرى، ولكن الحوار يتطلب وقبل كل شيء أن يقوم كبار علماء الأمة بتوضيح كثير من المفاهيم والمصطلحات.   
                    











الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

مقالات محاسبية/المحاسبة التحليلية وأهميتها في الشركات-2

المحاسبة التحليلية وأهميتها في الشركات-2
إعداد:
أ. أيمن هشام عزريل
ماجستير محاسبة
مديرية التربية والتعليم – سلفيت/فلسطين
إيميل للمراسلة: uzrail@hotmail.com
وظائف و أهداف المحاسبة التحليلية:
   يمكن تحديد أهم وظائف وأهداف المحاسبة التحليلية فيما يلي:
1- المساعدة على تحديد أسعار البيع.
2- المساعدة على تحديد حدود انخفاض الأسعار.
3- المساعدة على التمييز بين المنتوجات المربحة والغير مربحة.
4- مراقبة المخزون.
5- تحديد قيمة المخزون.
6- اختبار كفاءة مختلف المسارات (Processus).
7- اختبار كفاءة مختلف الإدارات (Administration).
8- اكتشاف أوجه التقصير و التبذير.
9- الفصل بين تكلفة التشغيل الأدنى و تكلفة الإنتاج.
10- ضمان التكامل و الارتباط مع الحسابات المالية (Coherence).
 http://to22to.com/vb/t6665.html.  
شروط تطبيق المحاسبة التحليلية في المؤسسة:
   إن المحاسبة التحليلية هي أداة من أدوات التسيير الحديثة، حيث تعمل على تطبيق الأسس، والمبادئ المحاسبة الخاصة بها، من خلال تحليل مختلف الأعباء المرتبطة بالمشروع، أو النشاط الذي تزاوله، وذلك من أجل تقييمه تقييماً جيداً ومعرفة النشاط الفعلي ومقارنته بالنشاط المخطط من طرف الإدارة في إطار استراتيجيتها، أضف إلى ذلك أنها تساهم بشكل فعال في فصل مراحل الإنتاج وتقييم المخزونات وفقاً لمعايير المحاسبة التحليلية، وتحديد تكاليف كل مرحلة على حده من العملية الإنتاجية، أي:
• تكلفة الشراء.
• تكلفة الإنتاج.
• تكلفة التوزيع.
• سعر التكلفة.
   وعلى هذا الأساس فإن المؤسسة التي تريد الاستفادة من نظام المحاسبة التحليلية، وجب عليها توفير بعض الشروط المعينة، والمتمثلة:
1- يجب أن تكون المحاسبة العامة تتماشى والمفاهيم العامة التي يفرضها المخطط الوطني المحاسبي، لأن أي خلل في المعلومات التي تقدمها المحاسبة العامة سيؤدي إلى عدم صحة المعلومات التي تقدمها المحاسبة التحليلية.
2- ضرورة وجود تخطيط عقلاني للمشاريع، يضمن القيام بدراسة دقيقة للمشروع قبل الانطلاق في دورة الاستغلال، وذلك للتأكد من النتائج التي سوف تتحقق مستقبلاً.
3- ضرورة توفر الشرط النفسي، بحيث يجب على المؤسسة إعداد الأفراد وتهيئتهم باعتبارهم يشكلون عاملاً رئيسياً لنجاح استراتيجية المؤسسة، وذلك لقبول نظام المحاسبة التحليلية، وهنا لا بد أن تلعب الإدارة العامة دوراً كبيراً في تجنيد طاقاتها البشرية من خلال تكوينهم وتوجيه كل فرد في مكانه المناسب الذي يتلاءم ومؤهلاته، بالإضافة إلى تقسيم العمل وتنظيمه...الخ، وهذا كله حتى يكون هؤلاء الأفراد على دراية ووعي بأهمية هذه الأداة في مجال التسيير والرقابة، وبالتالي سيشكلون مصدر دعم وعون للإدارة لتطبيق ما ترمي إليه، و ذلك من خلال حرص كل فرد على تنفيذ ما هو مكلف به، بصفة صحيحة.
4- يجب أن تكون المعلومات التي تنتجها المحاسبة العامة دقيقة وموثوق بها، باعتبارها منبع ومصدر المعلومات للمحاسبة التحليلية من جهة، ومن جهة ثانية فإن النتائج المحصل عليها تعتمد كلية على مخرجات المحاسبة العامة التي تبقى رغم صيغتها القانونية، المالية، وأداة فاعلة وضرورية لتسيير المؤسسة، بشرط أن يتم الحرص على تطبيقها بصفة صحيحة، كما ينص عليه المخطط المحاسبي.
دور المحاسبة التحليلية في استعمال التحليل المالي للتنبؤ المالي وللتخطيط المالي: 
   يعتبر التحليل المالي نقطة انطلاق أساسية للتنبؤ ومن ثم للتخطيط والرقابة المالية، فالمدير المالي ينظر للمنشأة كوحدة متكاملة، ويهتم بالخطط الطويلة الأجل المتعلقة بصرف مبالغ نقدية كبيرة وبالخطط القصيرة الأجل ذات الطبيعة التشغيلية فيستعين بالتحليل المالي في تقدير احتياجاته من الأموال، وفي تخطيطه لتدبيرها والحصول عليه لاستثمار الفائض عن حاجته منها.
   ومن أهم مجالات التنبؤ والتخطيط المالي:
1- التنبؤ بالمبيعات.
2- التنبؤ بالأرباح والتخطيط لها (قائمة الدخل التقديرية).
3- التنبؤ بمدى حاجة المنشأة للأموال والتخطيط للحصول عليها.
4- التنبؤ بمدى إمكانية توقف المنشأة عن العمل (إفلاسها).
   وأن هذه المجالات تشكل نقاط انطلاق أساسية لوضع الخطط الملائمة لمواجهة الوضع المتوقع حدوثه، (رمضان، 1982، ص 65).
التحليل المالي
أهمية التحليل المالي:
   بالرغم من أن القوائم المالية تلخص أعمال المنشأة لفترة، أو فترات ماضية، وتظهر الأوضاع، أو المراكز المالية للمنشأة في تاريخ إعداد القوائم المالية للفترة، أو الفترات المحاسبية المنتهية إلا أنه من المحتمل أن تكون مؤشراً حيداً لما يتوقع أن يكون عليه أداء المنشأة ونتائج أعمالها في الفترات القريبة التالية، ومن هنا يمكن القول أن التحليل المالي في معظم الأحيان يهدف الي رسم صورة مستقبلية للمنشأة، ويتم هذا عن طريق تحديد التطورات المتوقعة في المنشأة بالاعتماد على نتائج الماضي عن طريق المقارنة، والتقييم، وتحليل الاتجاهات، ويعتبر التحليل المالي نظاماً لتشغيل المعلومات والبيانات لمساعدة متخذ القرار في التوصل إلي حقيقة الوضع المالي والاقتصادي للمنشأة، وبالرغم من أن متخذ القرارات يتخذون من القرارات ما يؤثر على المستقبل، إلا أن أفضل بداية منطقية لاتخاذ القرارات هي تفهم احداث الماضي القريب، ولعل مجرد قراءة القوائم المالية يكون من شأنه إمدادنا بمعلومات هامة، ومع ذلك فإنه لاتخاذ قرارات جيدة ورشيدة لا بد من تحليل هذه القوائم المالية سعياً وراء الحصول على معلومات أفضل، (راضى، 2011، ص 361).
   ويمكن القول بأن التحليل المالي إنما يعنى دراسة الأداء الماضي للمنشأة وتقييم ظروفها الحاضرة، ثم التنبؤ بإمكانية تحقيق أهدافها المرغوبة في المستقبل، ويعتمد التحليل المالي على ثلاث مجموعات من المعلومات والبيانات التحليلية وهي:
1. المعلومات المحاسبية.
2. بيانات التكاليف.
3- البيانات الاقتصادية العامة، (راضى، 2011، ص 361).
تحليل القوائم المالية:
   تقدم القوائم المالية على جانب كبير من الأهمية عن المركز المالي للوحدة الاقتصادية، وعن نتيجة مباشرتها، ومثل هذه البيانات تهم أطرافاً عديدة منها على سبيل المثال: ملاك الوحدة الاقتصادية، مديرو الوحدة الاقتصادية، سماسرة الأوراق المالية، والبورصات، الدائنون، والملاك المحتملون للوحدة، العاملون بالوحدة، المصالح الحكومية المختصة، ويهدف تحليل القوائم المالية إلي تقديم إجابات على ثلاثة أسئلة محددة هي: ما مدى سلامة المركز المالي للوحدة الاقتصادية؟ ما مدى ما تتميز به الوحدة من استقرار مالي؟ ما هو موقف الربحية للوحدة؟ وحتى يكون المركز المالي للوحدة سليماً، فيجب أن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها في تاريخ استحقاقها، وبتحليل القوائم المالية يمكن الحكم على مدى سلامة المركز المالي للوحدة وإمكانية محافظتها على ذلك المركز السليم، وينعكس الاستقرار المالي للوحدة على مقدرتها على الوفاء بما قد يكون هناك من قروض وما يرتبط بها من فائدة، وأيضاً على سداد كوبونات أرباح الاسم بصفة منتظمة، أما الربحية فتقاس بمدى نجاح الوحدة في المحافظة على تنمية حقوق الملكية، وتزداد منفعة بيانات القوائم المالية بمقارنتها عن فترة، أو عن مجموعة فترات سابقة، فالبيانات السنوية تقارن بمثيلتها عن السنوات السابقة، كما أن البيانات الشهرية، أو الربع سنوية تقارن بمثيلتها عن الشهر، أو الربع سنة، أو السنوات السابقة، وقد يأخذ تحليل القوائم المالية على أساس المقارنة أحد شكلين هما:
1- التحليل الافقي.
2- التحليل الرأسي، (نور واّخرون، 1993، ص 211).
استقراء القوائم المالية:
   تعتبر القوائم المالية بمثابة تقارير على الأداء الإداري، فهي توضح نجاح، أو فشل الإدارة، كما أنها تشير إلي الصعاب والمشاكل التي يتعرض لها المشروع، وحتى يمكن تحليل تلك القوائم ينبغي أن يلم المحلل بالعلاقات الرئيسية بين البيانات المختلفة، وبكيفية التدفق الداخلي للبيانات في النظام المحاسبي، وتهتم الكثير من الجهات بأعمال المشروع تلك الجهات هي إدارة المشروع نفسه، والدائنون، والمستثمرون، واتحادات العمال، والحكومة، وسلطاتها الإشرافية المختلفة، إلا أنه يلاحظ أن كل مجموعة من تلك المجموعات يكون لها احتياجات مختلفة، وبناءً عليه فكل منها يركز على ناحية واحدة من الصورة العامة للمنشأة، وينطوي تحليل القوائم المالية على تحديد العلاقات الرئيسية، وتوضيح التغيرات والاتجاهات الخاصة بتلك العلاقات، ويستخدم عادة ثلاثة أساليب تحليلية هي:
1- التغير في القيمة وفي النسب المئوية.
2- العلاقات الجزئية بين الأرقام.
3- النسب المالية، (نور، 1976، ص 681).

المراجع:
- راضي، محمد، المدخل المعاصر في المحاسبة الإدارية، دار التعليم الجامعي، 2011.
- رمضان، زياد، أساسيات التحليل المالي في المنشات التجارية والصناعية، الجامعة الأردنية، 1982.
- نور، أحمد، المحاسبة المالية (القياس والتحليل المحاسبي الجزء الثاني)، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1976.
- نور، أحمد، عبد العال، أحمد، المحاسبة الإدارية، الدار الجامعية، 1993.
- http://to22to.com/vb/t6665.html.