الركض وراء
السراب
بقلم: أيمن هشام عزريل
قوافل
الشهداء فى أوطاننا ترحل، وتسطر أروع الملاحم، والدم العربي يسفك بأيدي عربيه،
وتزهق أرواح نحن نحتاجها للمواجهة، و كل يوم نزداد جموداً وتخبطاً، وها نحن نودع شهداء بحال مؤسف مؤلم، ودماء أكثر،
وتشرذم أكثر، وانتهاك لحقوقنا أكثر.
إلا
أن هذه المرة من صنع أيدينا، وننظر إلي الإحداث المتصارعة من حولنا ونشجبها ببيت
من الشعر يسطر في قصيدة أو خطاب رنان ممل، أو تدهشك براعة المحللين عبر شاشاتنا
الكثيرة، وأنت تستمع إليهم وكأن ما يحدث في وطننا لا يعنيهم، وان مسهم هذا لا يخيفهم
فهم سوف تحميهم دولاراتهم خارج الوطن، ليرتمي في أحضان أوروبا وأمريكا.
كيف
ستخرج امتنا من أزماتها؟ فقد اتسع الجرح بقضايا عدة، فالأطفال في سوريا مهجرون عن مدنهم
وقراهم، وتحت قصف الصواريخ والدبابات، وأطفال مصر الصمود أمام العنف الذي يقتلهم.
ماذا سوف يكون مصير شعب وقضية، ومصير أمة أتعبها
الانتظار وأجهدها التآمر من أبنائها والركض وراء السراب.
قد
يقول قائل إننا لسنا وحدنا في صحراء الضياع، فنحن جزء من أمة ليست الوحيدة على وجه
الأرض، التي سلبها حكامها حقوق إنسانيتها وامتهنوا كرامتها، وضيقوا الخناق على
منافذ الحرية، التي يمكن أن تنفذ منها، ووجدوا في الاستبداد بها متعة لا يعادلها
إلا سماع أنين الضحايا من أبنائها، برغم الاستكبار في قلوبهم!.
ولذلك
كان لزاما على شعوبنا أن تتحرر من هذه التركة المتعفنة، والتي أثقلت كاهله، وأعاقت
حركة سيره نحو حياة إنسانية، طالما تمتعت بها شعوب تجاوزت ما تراكم في طريقها من نفايات التخلف التي
تساقطت من موائد اللئام!.
وبذلك
أضحت هذه الثقافة "الشمطاء"،
أضحت مشدودة بسلبيات الماضي المتسلط السحيق، وهذا نوع من أنواع جنون العظمة، والركض
وراء السراب،،،وهو الإصرار على الوصول لتحقيق الدولة "الخرافية"،
لذلك فهذه الثقافة مصابة بمرض عمى الألوان، ولا يرون من خيوط قوس قزح السبعة، غير
لون واحد وهو اللون الأسود فقط.
فهؤلاء
ومن يتسترون عليهم هم ليسوا أعداء لأي تطور وإصلاح وحسب، بل أعداء لشعوبهم
ولأمتهم، وأعداء لكل البشر عامة، وللإسلام خاصة.
فالأمم
اليوم والشعوب، لا تريد تلقينها ثقافة الكراهية بين المذاهب ومختلف الأطياف، ولا تريد
تلقينها ثقافة المقابر والانتحار والقتل والاحتراب، وإنما تريد ضمان الخبز وضمان
العمل، وضمان العلاج المجاني، والتعليم المجاني، وضمان حالة العجز والشيخوخة،
وتريد الكرامة والحرية، وقد قالها الخليفة عمر بن الخطاب، قالها مدوية "متى
استعبدتم الناس وقد ولدتهم
أمهاتهم
أحراراً".
ألا
تستحق شعوبنا التي مازالت تموت من الجوع والقهر، أن نتوقف عن الركض وراء السراب، وبث
الوهم والخداع وتسميم وتحريف وعيهم؟ فلا بد من يوم ما أن يزول الوهم وتشرق الشمس.
قال تعالى: ((أما الزبد
فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)) سورة الرعد 17.
الاسم:
أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق