الأحد، 4 مايو 2014

الأزمة المالية العالمية والاقتصاد الفلسطيني



الأزمة المالية العالمية والاقتصاد الفلسطيني
بقلم: أيمن هشام عزريل
يلقى موضوع الأزمة المالية العالمية الراهنة اهتماماً واسعاً من قبل جميع الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، حيث يجمع جميع خبراء الاقتصاد والمحللون أن الأزمة المالية العالمية الأخيرة، والتي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007، وتفاقمت في العامين 2008، 2009، على أنها أسوأ أزمة مالية يواجها العالم منذ أزمة الكساد الكبير عام 1929، التي مهدت للحرب العالمية الثانية، إن الأزمة المالية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية من سوق صغير هو سوق العقارات في العام 2007، بسبب فشل ملايين المقترضين عن تسديد ديونهم للبنوك، فسرعان ما انتشرت الأزمة المالية كالنار في الهشيم لتحدث هزة قوية في جميع فروع الاقتصاد الأمريكي، ووصلت تبعاتها جميع الدول المتقدمة واقتصادات البلدان النامية والناشئة.
بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد ضخت مئات المليارات من الدولارات في الأسواق المالية العالمية، إلا أنها لم تستطع السيطرة وتطويق تلك الأزمة المالية ولم تضع حداً لأزمة الرهون العقارية، بل إن الأزمة المالية الحالية أيضاً ضربت قطاع المصارف والمؤسسات المالية مما يهدد بشلل في النظام المالي الدولي.
ويعرف البزاز الأزمة بأنها تمثل النتيجة لحصول خلل مفاجئ يؤثر تأثيراً مباشراً على العناصر للنظام المقصود بل تشكل تهديداً حربياً ومعلناً لحالة النظام الذي يحكمه، أو بأن الأزمة هي موقف يضم درجة عالية من التهديد للأحداث والقيم والمصالح الجوهرية للدولة أو النظام حيث يصبح من الضروري على صناع القرار والإدارة العليا في هذا الوقت اتخاذ القرار قبل أن يتغير الموقف ويصبح القرار غير ذي جدوى في مواجهة المترتبات من الأحداث والاثار[1].    
ومن تداعيات الأزمة المالية انتشار الذعر في الأسواق المالية العالمية (نيويورك، لندن، باريس، فرانكفورت، مدريد، ميلانو، طوكيو، والأسواق المالية في آسيا والخليج العربي)، إذ بدأت الأزمة في قطاع العقارات وانتقلت إلى قطاع السيارات، وامتدت الأزمة لتشمل شركات إنتاج السلع، وقد تأثرت الأسواق المالية العربية بالأزمة المالية العالمية، فقد اختلفت نسب هذا التأثر بحسب درجة انكشاف هذه الأسواق على أسواق المال العالمية، فقد بين معدل الانخفاض في مؤشرات الأسواق المال العربية عام 2008، وأن دول الخليج العربي احتلت المرتبة الأولي، حيث أن أسواقها ذات انكشاف مالي عالي، في حين جاءت مصر بالمرتبة الثانية، حيث أن أسواقها ذات انكشاف مالي متوسط، والسودان بالمرتبة الثالثة، وعمان بالمرتبة الرابعة، وكما يلي[2]:
اسم السوق المالية
نسبة الانخفاض
سوق دبي للأوراق المالية
(-64,78%)
سوق مسقط للأوراق المالية
(-51,71%)
سوق مصر للأوراق المالية
(-50,71%)
سوق الخرطوم للأوراق المالية
(-49,76%)
سوق عمان للأوراق المالية
(-23,29%)
  
إن الأزمة المالية العالمية السائدة هي أزمة سوء إدارة مالية ناجمة من النزعة إلى توسيع رقعة الأسواق المالية، وإذ لم يكن التوسع ضمن الضوابط المنطقية مع الأخذ بالاعتبار الآثار المترتبة فإنه سيؤدي إلى خسائر اقتصادية جسيمة.
لقد أضحى العالم في منتصف 2008، على أزمة هزت أركان الاقتصاد العالمي، إن حجم الخسائر التي أصابت المنظومة الاقتصادية والمالية العالمية لم يحص بشكل دقيق ولا يعتقد أنه بالإمكان تحديدها، فالأرقام التي تم تداولها في وسائط الإعلام مذهلة ومثيرة للجدل في ذات الوقت (أكثر من 3.6 تريليون دولار)، أما السبب في عدم معرفة الخسائر بشكل دقيق هو إسراع السلطات الأمريكية إلى التدخل وتقديم المساعدات والتسهيلات المالية الضخمة والتي وصلت إلى أكثر من (700 مليار دولار)، قدمت إلى المصارف الأمريكية الكبيرة لتثبيت أوضاعها والحيلولة دون انهيارها بشكل كامل، بالرغم من ذلك كله فقد دخل الاقتصاد الأمريكي إلى نفق الكساد المظلم جاراً من وراءه الاقتصاد العالمي.  
أما على الصعيد الداخلي في فلسطين فقد أجمع مسؤولون واقتصاديون ومحللون على أن تأثير الأزمة المالية العلمية على الاقتصاد الفلسطيني سيكون محدوداً وغير مباشر لعدة أسباب حيث أن السوق الفلسطيني سوق مغلق، والاقتصاد الفلسطيني ضعيف بكل قطاعاته، كما أن المصارف تعمل وفق اتفاقيات باريس الاقتصادية، ومن هنا فلن يكون التأثير عليه كبيراً.
بالإضافة إلى أن ارتباطه بالأسواق العالمية محدود جداً سواء على صعيد التجارة أو الاستثمار أو أسواق المال.
أن اقتصادنا يعتمد بشكل كبير على المنح والمساعدات الدولية وخصوصا ما تقدمه الولايات المتحدة، لذلك يعاني من معدلات البطالة العالية ومعدلات الفقر المتنامية، مما يضعف فرص التنمية الطبيعية في فلسطين.
كما أن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد تابعٌ للاقتصاد الإسرائيلي، إضافة إلى كونه اقتصاداً استهلاكياً يعاني الكثير من العجز في الميزان التجاري مع إسرائيل حيث تشكل التجارة الخارجية معها حوالي 90% من التجارة الفلسطينية.
يعتبر الاقتصاد الفلسطيني اقتصاداً خدماتياً ضعفت فيه قطاعات الاقتصاد الأساسية وضعف دورها في الاقتصاد الفلسطيني، فلم نعد نجد دوراً جوهرياً للصناعة ولا للزراعة ولا حتى للسياحة الا في حدودها الدنيا، بعد أن كانت قطاعات هامة وحيوية من قطاعات الاقتصاد الفلسطيني.
وفي تعميم أصدرته سلطة النقد الفلسطينية بهذا الخصوص عام 2007، أكد الدكتور جهاد الوزير محافظ سلطة النقد الفلسطينية أن ودائع المصارف العاملة في فلسطين وسلطة النقد في أمان، مشدداً على أن لا تأثير مباشر على الجهاز المصرفي نتيجة الأزمة المالية العالمية.      ثير الأوزمة أ
من خلال ما تقدم بات واضحاً أن أزمة الرهن العقاري الأمريكي، وأن مارد الأزمة المالية العالمية الناتجة عنها قد خرج من شارع المال إلى ساحة الاقتصاد الحقيقي، وأن الاقتصاد العالمي دخل فعلياً حالة الركود على الرغم مما ضخ له من أموال لتطويقه، الا أن تلك المحاولات فشلت في تبديد المخاوف من غول الكساد العالمي.






الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين






[1]. د. البزاز، حسن، إدارة الأزمة، المؤسسة الجامعية، بيروت 2001.

[2]. الدور الرقابي للبنوك المركزية ومدى فاعليتها في مواجهة الأزمة المالية العالمية: أن بحوث المؤشر العلمي السنوي الثالث عشر لكلية الحقوق جامعة المنصورة بمصر للفترة 1-2/4/2009، ص14-15.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق