الثقافة السياسية في تعزيز مفهوم الوحدة
الوطنية
بقلم: أيمن هشام عزريل
إن الوحدة الوطنية في أي مجتمع من المجتمعات، تعد ضرورة أساسية
ومطلباً مهماً يقاس على ضوئه مدى انسجام المجتمع وتقدمه وقدرته على تحقيق حالة من
الوفاق بين فئاته وقطاعاته المختلفة، والنظام السياسي هو المسؤول الأول في تحقيق
الوحدة الوطنية من خلال طبيعة العلاقة التي يبنيها مع المجتمع، كون الوحدة الوطنية
تقوم على أساس ومرتكزات، والتي تحدد طبيعة العلاقة بين الفرد والنظام السياسي
وشكلها، لذلك بدت أهمية الثقافة السياسية وضرورة تفعيلها في المجتمع مطلباً ملحاً
وأساسياً لبناء الوحدة الوطنية وتعزيزها.
تقوم الوحدة الوطنية بفرض وخلق حالة من التعايش السلمي وتوفير أجواء
من الديمقراطية والحرية، فضلاً عن آلية التوزيع المتوازن للدخل وتوفير مستلزمات
المعيشة الاقتصادية وحالة التوازن بين الانتماءات والهويات الفرعية وانضمامها تحت
لواء الهوية الوطنية الأكبر، في حين عدم الاتفاق بين النظام السياسي والمجتمع وسوء
الوضع الاقتصادي والاجتماعي كل ذلك يخلق المعوقات وتصدع للوحدة الوطنية وانعدام
التعايش، فالوحدة الوطنية هي مفهوم يشترك فيه الجميع لتحقيقه.
فعلى سبيل المثال، وجود القيم مثل المحبة، والمودة، والتسامح،
والولاء، والانتماء، واحترام الرأي والرأي الآخر، والمسؤولية، وغيرها من القيم هي
التي ترسم الشخصية الوطنية، فإن تم غرس هذه القيم في الفرد داخل المجتمع، استطعنا
تحقيق معاني الوحدة الوطنية وفكرة التعايش السلمي. يشير "كرونباج" إلى
أن أفراد المجتمع الواحد لا يتشابهون في إطارهم القيمي فهم يختلفون فيما بينهم في
منظومتهم القيمية، فهناك اختلاف على المستوى الفردي في القيم وهناك أيضاً اختلاف
على مستوى الجماعة التي ينتمي لها الفرد، ومدى توافق المجتمع وتجانسه هو متى ما استطاع
أن يحقق القيم المشتركة ويتشابه مع الآخرين بها[1].
فالوحدة الوطنية هي اندماج اجتماعي بين شرائح المجتمع كافة تحت حكم
واحد، فالمؤسسات لها دور رئيسي في غرس المفاهيم الوطنية وتعزيز القيم المرتبطة
بالوحدة الوطنية، وقد يتم استخدام الاساليب المباشرة وغير المباشرة في تعزيز قيم
المواطنة والوحدة الوطنية، كما أن الأسرة تمثل الصدارة في هذا الجانب، فينصب دورها
التربوي الرئيسي في غرس المفاهيم المشتركة مع الآخرين لتحقيق الوحدة الوطنية، فالعملية
فقط تحتاج إلى تحديد هدف واضح وسوف يتم خلق ذلك التواصل والتبادل الفكري الايديولوجي
إلى تحقيق الهدف المنشود.
والإعلام له دور بارز هام في حياة المجتمع، كونه يعتبر من أبرز
الأدوات الرئيسية في المجتمع المعاصر، ودور الإعلام المحلي الرسمي وغير الرسمي في
خلق بيئة مناسبة لمواجهة الأخطار التي تحدق بالمجتمع فيما يتعلق بالوحدة الوطنية،
فالمجتمع المدني هو الذي يقوم على تذويب الفروق الاجتماعية، وهو الذي يدفع في
النهاية إلى تحقيق الهدف المنشود إلى الوحدة الوطنية، فالمجتمع المدني يسهم في
بناء وحدة وطنية إذا قام على دعائم ثابتة وراعى المعايير الأخلاقية في تحقيق
الوحدة الوطنية، وكان على وعي تام بأهمية هذه المؤسسات وماذا تقدم.
أما الثقافة السياسية فهي تعبر عن مجموعة من القيم والاتجاهات
والمعتقدات التي يتخذها الفرد أسلوباً للتعامل السياسي، فالتفاعل الإيجابي بين
النظام السياسي والمجتمع بما يحتوي من ثقافات متعددة، في حين الثقافة السياسية
المبنية على تجاوز النظام السياسي لحدود السلطة الشرعية وعدم التزامه بالقواعد
القانونية والتعامل مع المجتمع وفق أسلوب القسر والإكراه، يؤدي ذلك إلى بروز
ثقافات سياسية من النوع السلبي ينعكس سلباً في بناء الوحدة الوطنية، لذا يقصد في
بناء الوحدة الوطنية تلك العملية التي تهدف إلى تحقيق الاندماج والتلاحم والتعايش
السلمي بين عناصر الأمة، وذلك بمزج الجماعات المختلفة والمتميزة عن بعضها بخصائص
ذاتية في نطاق سياسي واحد تسيره سلطة مركزية واحدة وبقوانين تنطبق على كل أفراد
المجتمع، فضلاً عن تكريس الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وإلا ستبقي
التحديات الداخلية في وجود فئات وشرائح مختلفة في المجتمع.
نحن بحاجة ماسة إلى وجود برامج وطنية داعمة ورئيسية تدعم من قيم
الانتماء والمواطنة والولاء والتعايش، وتعزز من خلالها مفاهيم الوحدة الوطنية داخل
المجتمع، ولا شك بأن الوعي واحترام بعضنا بعضاً وتقبل الآخر مهما بلغت درجة
الاختلاف والإيمان بالمبدأ الديمقراطي وتحقيق العدالة التي يجب أن ننطلق من
خلالها، إذا ما أردنا تحقيق الوحدة الوطنية.
الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق