الأحد، 13 أبريل 2014

المشروع الأمريكي والشرق الأوسط



المشروع الأمريكي والشرق الأوسط
بقلم: أيمن هشام عزريل
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وزوال المنظومة الاشتراكية، اعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي بمثابة محفز استراتيجي للولايات المتحدة، مما ادى إلى أن تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية سياسة مختلفة في الشرق الأوسط، فمع تغير الحزب الحاكم بإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وصعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإدارة أوباما - في ظل التغيرات التي نشهدها - أعادت الولايات المتحدة الأمريكية ترتيب موقفها تجاه منطقة الشرق الأوسط،تلك المنطقة التي لازالت وستبقى منطقة حيوية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة لموقعها الاستراتيجي وثرواتها من النفط والغاز الذي يمثل ثلثي المخزون العالمي، أن الولايات المتحدة تصيغ استراتيجيتها في مناطق العالم المختلفة ومنها منطقة الشرق الأوسط لأنها من المناطق المفصلية في تحقيق أهدافها، ومن المناطق المؤثرة في التوازن العالمي، سيما بعد التحول الذي حصل في النظام الدولي منذ انتهاء الحرب الباردة، وشيوع النظام الرأسمالي، وانهيار التوازنات التقليدية،فموقعها الاستراتيجي جعلها ذات أهمية شديدة في المصالح الدولية، كل ذلك كان لحساب الهيمنة الأمريكية في العالم، وظهور سياسات جديدة بين الأمم بل وبين المجتمعات داخل الدول نفسها.
لقد بات العالم العربي موضوعاً للصراع الغربي الرأسمالي، فأصبحت أمريكا بدورها هي من تقرر الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، ولأن الشرق الأوسط من حيث موقعه الجغرافي، يحتل موقعاً بالغ الأهمية للولايات المتحدة ومشروعها الخاص بالهيمنة على العالم، من خلال تحويل بعض من دوله كمصدر للإرهاب على الأقل من وجهة النظر الأمريكية، لتمرير السياسات المطلوبة والضرورية لتلبى المصالح الأمريكية في تلك المنطقة، فالمشروع الأمريكي يقود إلى التبعية الإقليمية، وليس الاستقلال الإقليمي، بل يفرض القيم الأمريكية لتصبح القيم والقوانين وانماط الحياة الأمريكية أسلوباً للعالم كله.
إن النظام الإقليمي العربي يعتبر نظاماً مترابطاً جغرافياً، وإن لم يكن سياسياً، باعتبار أن الجميع في مركب واحد،فلم يعد الحديث عن سيادة الدول مقبولاً في ظل التدخل في شؤونها الداخلية وعودة الاحتلال العسكري المباشر كما حدث في أفغانستان والعراق، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات وتغيرات متعددة مثل دخول دول في حروب غير متكافئة مع الولايات المتحدة، وما نسب لبعض الدول أنها تخوض حرب صراع المحاور (الشر والخير).
يرى ديوي وهو من مؤسسي الفلسفة الأمريكية، إذا كان لكل أمة فلسفتها فإن على الفلسفة الأمريكية أيضاً أن تعي الحاجات الخاصة لأمريكا، هذه الفلسفة تختلف بالمطلق عن المنطلقات التي تقوم بها الولايات المتحدة تجاه دول العالم، مثال المغامرة الفاشلة في العراق التي كلفت الكثير من الترليونات وادت إلى انسحاب أمريكي مزري قبل أن تحقق ما تعهدت به للعالم من تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي شرق أوسطي متميز، الا أن الولايات المتحدة كانت السباقة دوماً في ممارسة إرهاب الدولة، فقد فرضت نفسها كقطب أوحد في زعامة العالم على إرادتها السياسية وقوتها العسكرية الطاغية، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا منشغلة بنفسها بترميم قسمها الشرقي، مما جعل المجتمع الدولي يدرك تماماً أن حجم الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة على شعوب العالم وصل إلى مستوى خطير وخاصة الجرائم التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وهذا يدل على فشل فرض مشروع الشرق أوسطي الذي كانت تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك نرى أنه عندما يطبق نظام الديمقراطية في أي دولة، وتحقق الديموقراطية رغبة الأغلبية، فإن الولايات المتحدة تقف بالضد منها، فهذا يزيد من كراهية العالم العربي والاسلامي للغرب والولايات المتحدة على حد سواء، يقول مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، بالتأكيد على أن القوة قد تقهر العالم لكنها لا تضفي الشرعية على نفسها، إن المشروع الأمريكي يهدف إلى تذويب مقومات الحضارة والثقافة العربية لتمرير مصالحها بسهولة ويسر في المنطقة.
 مما أدى إلى حدوث عمليات عنف ضد مصالحها في أغلب بلدان العالم خاصة التي لها تعاون خاص مع الولايات المتحدة، فكان الأجدر على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً محورياً في العالم كموضوعي الاحتباس الحراري وما ينتج عنه من كوارث، وموضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن ممارسة إرهاب الدولة نحو بلدان الشرق الأوسط.
وهنا سينتهي الحال بأمريكا إلى ما تنتهي إليه دائماً كل التجارب في العالم، وهو ان لم يكن هناك جهود دولية حقيقية تسعى لتقسيم جديد للمهام يكون مبني على الشراكة الدولية، تشترك فيه جميع القوى العالمية، سوف تضمحل وتتراجع قدرات وقوة أمريكا ومن يساندها من الحلفاء الغربيين، وسيكون هناك تنافس جيوسياسي جديد، مما سيجعل  أمريكا غير قادرة على الصمودفي وجه هذا التنافس بل سيجعلها جزءاً من الماضي، لذا أظهر الكثير من الأمريكيين خوفهم وسخطهم على مسؤوليهم في البيت الأبيض من المستقبل ومن خطر سياسة بلادهم تجاهه دول العالم الآخر، في النهاية ستكون الولايات المتحدة الامريكية مضطرة لإنهاء تواجدها العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط، لما تعانيه من عجز اقتصادي ومديونية اقتصادية كبيرة.  












الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين




الاثنين، 31 مارس 2014

مصر والتوازنات السياسية



مصر والتوازنات السياسية
بقلم: أيمن هشام عزريل
مصر وعلى مدى عقود طويلة موضع اهتمام دولي وإقليمي، واليوم تبدو التجاذبات الاقليمية تسعى لتأسيس مناخ جديد، وأخذ زمام المبادرة، والتحرك باتجاه تأكيد دورها في تشكيل المشهد المصري.
وتنبع الاهمية من هذا المشهد كون مصر رقم صعب في معادلة التوازن الاقليمي، وفعلاً مهما ومؤثراً في السياسات الاقليمية والدولية، وأن المعطيات السياسية والجغرافية والاقتصادية والأمنية والايديولوجية والعرقية والمذهبية هي التي جعلت من مصر ميدانا لبلورة مصالح وأهداف دول الجوار، حيث أن لكل دولة منها أسبابها وتوجهاتها بالقدر الذي يضمن مصالحها وأهدافها العليا.
تمثل مصر محوراً جيوسياسياً إقليمياً ودولياً فعالاً يسهم في التوازن الاستراتيجي المستقر في المنطقة والمتمثل بالقدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية، وكذلك البعد السلوكي، ما يربط مصر بمصالح حيوية بالعالم ومرونة وحركة القوى الفاعلة باتجاهه، هذا يجعل مصر رقماً ذو أهمية ضمن معادلة التوازن الدولي والاقليمي.
الذي يحدث في مصر يرفع من سقف الطموحات الامريكية، المتمثل بشرق أوسط جديد، من خلال عمل الجماعات السياسية والعسكرية الممتدة في أنحاء مصر وعلى طولها، الذي أدى إلى خلق توترات وصراعات يصعب التحكم بمسارها، مما أدى إلى إرباك هذه المعدلات المطروحة وخلق معادلات سياسية جديدة.
ليؤكد أن هذا الأمر مطروح في الاستراتيجية الامريكية، بيد أن إعادة رسم خريطة المنطقة، تتضمن خيارين رئيسين هما:
الخيار الأول: إعادة رسم الخريطة بمعناه الحرفي، أي رسم الحدود في المنطقة، وهو ما سيترتب عليه بروز دول واختفاء دول.
الخيار الثاني: إعادة رسم الخريطة بمعني تغيير الفكر والنظم القائمة بالمنطقة، وليس تغيير خرائط الدول، فإعادة التشكيل الأساسي، كما تعلن الادارة الامريكية ليس تغيير الحدود، وليس إنشاء الدول والاوطان الجديدة، إنما تغيير أنظمة الحكم السياسية والاقتصادية من دون المساس بالحدود.
على أية حال، فإن الصورة الحالية تشكل توازناً للقوى الاقليمية، حيث لا زالت أمريكا تحاول تطويق التغييرات في العالم العربي، وتغيير مسارها بشتى الطرق والوسائل، وذلك من خلال زرع مشروع الفتنة باعتباره الاداة الانجح في تأجيج الصراع، كالصراع السني الشيعي، وتحويل محور المقاومة إلى طرف في هذا الصراع.
لقد كان للأحداث والتطورات السياسية التي شهدتها مصر نتائج القت بأثارها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتباينت المواقف السياسية ازاء مجريات تلك الأحداث والظروف السياسية، وتباين الموقف العربي المؤيد لها في أغلب الدول العربية، والمعارض لها من البعض الآخر، التي من المحتمل أن تشهد تغييرات جديدة، ومدى انعكاس هذه السياسة على مصر وبيئتها الاقليمية.                 









الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

الاثنين، 24 مارس 2014

نظام عالمي جديد



نظام عالمي جديد
بقلم: أيمن هشام عزريل
مع نهايات القرن العشرين، بعد زوال الاتحاد السوفيتي في القارة القطبية، وحرب الخليج الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تطرح مفهوم جديد لمنطقة الشرق الأوسط وهو النظام الدولي الجديد، وقد أحدث هذا تغيرات وتطورات في أوروبا، وبدأ الحديث في ذلك الوقت داخل الأوساط السياسية والعسكرية والاقتصادية آنذاك، عن هذا النظام الدولي الجديد وعن مفهومه وحقيقته وطبيعة هذا النظام، وغيرها من التساؤلات الكثيرة التي كانت وما زالت تطرح حتى يومنا هذا، ما هو المقصود بالنظام العالمي الجديد، وهل يوجد نظام  عالمي جديد New International Order.
فقد صرح الرئيس الأمريكي بوش الأب في 11/9/1991، قائلاً: هو "نظام عالمي جديد....وعصر يتحرر فيه العالم من الإرهاب، ويكون فيه أقوى في البحث عن العدالة، وأوثق في نشر السلام، عصر تكون فيه أمم العالم شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً تحيا في رفاهية وانسجام"[1].
فأين هم من ذلك كله؟ ومن العبارات التي يرددونها، "فالعالم اليوم كبير ومتنوع الثقافات والحضارات ومن الصعوبة تصور وجود دولة واحدة قادرة على ضبطه والتحكم فيه، ولفترة غير محدودة"، كما حدث في اندحار ألمانيا وتقسيمها أنداك.
 هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، فالكل بدأ يدرك جيداً، أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية من كل ذلك هو بقاؤها على وضعها المتفوق أو المهيمن في السياسة الدولية، ومن ناحية أخرى، لو نظرنا إلي تاريخ العالم في ضوء المعطيات التي يشهدها العالم حالياً، ومن الناحية العلمية، فإنه لا يعقل أن يستمر العالم في دائرة نفوذ طرف واحد وهيمنة سياسة دولة واحدة.
إضافة لما سبق، نجد أن الصين تسعى إلى تأكيد دورها في النظام العالمي الجديد، وذلك بطرح مفهوم يختلف عن الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تؤكد على ضرورة مشاركة كل دول العالم في صياغة هذا النظام، وتعارض انفراد دولة واحدة أو مجموعة دول في تشكيل هذه الصياغة.
إن انغماس الولايات المتحدة الأمريكية في السياسة الدولية هذه الأيام، وتدخلها في مناطق عديدة من دول العالم أمر لم يعد مقبولاً اليوم، بل أصبح مرفوضاً بشكل قاطع، لأنه أصبح يؤثر على اقتصادها الداخلي، وتدهور في المعيشة الاقتصادية، بالنسبة للمواطن الأمريكي، لتزايد نسبة الأمريكيين الفقراء، وهو ما يشهده المجتمع الأمريكي حالياً، فهو مجتمع قائم منذ تأسيسه على الرأسمالية، وليس على التضامن القومي أو الثقافي، فليس للأمريكان ثقافة توحدهم على غرار الفرنسيين والطليان.  
ومما تقدم، فإن تطلعات الدول والشعوب الساعية للاستقلال، وإلى بناء مستقبلها من رفض تلك السياسات، لأن إرادة الشعوب لا بد من أن تنتصر، وأنها ستكون أحد الأسباب التي ستضعف الدور الأمريكي على الصعيد العالمي.







الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين




1-     نقلاً عن: باتريك هارفن، النظام العالمي الجديد، القانون الدولي وسياسة المكيالين، تعريب د. أنور مغيث، الطبعة الأولي (سرت: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، 1995، ص31).

الأربعاء، 12 مارس 2014

الوضع الراهن للأمة ومستقبلها



الوضع الراهن للأمة ومستقبلها
بقلم: أيمن هشام عزريل
أن الباحث في حال أمتنا العربية والإسلامية هذه الأيام، لا يصعب عليه أن يرى أدنى درجات الانحطاط التي وصلت إليه شعوبنا من تخلف حضاري، وهوان سياسي، ومعاناة إنسانية، رغم كل ما تتمتع به من إمكانيات بشرية ومادية وقيم ومبادئ سامية.
فالأزمة التي تعيشها الأمة في مختلف بقاعها وعلى امتداد وجودها، وجود التخلف التي هي فيه سواء اجتماعي أو أخلاقي أو سياسي أو ثقافي، حيث تدور في فلك ذلك التخلف، دون أن تتطلع إلي نهضة صحيحة للإصلاح والتجديد والخروج من ذلك التخلف البائس.
ولخروج كيان الأمة من ذلك التخلف والقصور، يتطلب فهم أسبابه ودواعيه حتى يتسنى لهذه الأمة معالجته وإنهاء حالة الضعف التي هي فيه، والتدهور الحضاري التي تعاني منه، حتى لا يبقي يهدد وجودها وحياتها، ونمط فكرها ومؤسساتها.  
فقد مرت على الأمة سنون طويلة وهي تترنح وتتدهور شيئا فشيئاً، حتى سقطت جميعها في يد الاستعمار الغربي والأمريكي، والأشد من ذلك مرارة ومأساة أن هذه الأمة مازالت حتى يومنا هذا تمثل مناطق نفوذ للغرب، وأسواق للإنتاج الصناعي والزراعي، ومصدر رخيص للمواد الأولية، ومصدر لتصدير الأيدي العاملة (الهجرة)، وبقينا في ميدان الصراع لتلك (الدول) القوى العالمية ذات النفوذ، لا نستطيع إطعام أنفسنا، نفتقر إلي الصناعات والخبرات والتكنولوجيا الحديثة ومقومات القوة الذاتية.    
بعد ما كنا أصحاب النفوذ والقوة والحضارة والصناعة أصحاب الصدارة، بدأنا بالانكماش وتفشي مظاهر الفساد والانحراف، وفي تحول الأمة من موقف الهجوم والدفاع إلي موقف الذل والهوان، حتى نجحوا في التعدي علينا وسقوط بغداد والقدس وقرطبة وغيرها.
ولفهم أسباب ضعفنا وتدهورنا، يجب أن نعرف أسباب هذا المرض، لعلاج ذلك الضعف والتدهور، وما أدى إلي مضاعفة هذه الأسباب، منها نشوء الفرق والمذاهب التي نراها وهي حقيقة تاريخية، وهذه كلها مظاهر لأمراض وآفات بدأت تدب في جسد الأمة لخلق الفتنة، لتولد بعد ذلك دولاً ذات نعرات قبلية وعرقية.   
وعلى الأمة وقياداتها استعادة طاقتها وصحتها، بتحديد المنطلق الصحيح للحل، بالتوجه المباشر نحو ما يعتقد أنه الحل الصحيح، وبسط جوانبه لكسب القناعة به، دون الالتفات إلى الحلول أو البدائل الأخرى الخاطئة أو الأقل فاعلية لبيان فسادها أو تفنيدها، وعليه يلزمنا خلق المناخ المناسب للمستقبل، فهذه بصورة مختصرة وبسيطة ومتواضعة قراءة للوضع الراهن للأمة وطريقة استقراء للمستقبل، للبحث عن مكامن الضعف والتدهور والتخبط الذي نعيشه والمشاكل التي تعصف بنا.









الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين