الأحد، 22 سبتمبر 2013

العبودية




العبودية
بقلم: أيمن هشام عزريل
إن العبودية الفكرية هي أقصى أنواع العبودية جورا وتسلطا على الإنسان، لأنها تسخر كل موارده البشرية والمادية والأخلاقية وثوابته الإيمانية لخدمة مصالحها الغير مشروعة.
العبودية مشكلة إنسانية قديمة، أفرزتها سنة الصراع، والتدافع الإنساني عبر التاريخ، في غياب أي قانون إلهي، أو وضعي، يمكن أن يضبط "حق القوة" أو يضع له حدا يقف عنده، فضلا عن أن يمده ببعد أخلاقي إنساني يهذبه.

كثير من الناس إذا ذكرنا العبودية لا يفهم منها إلا الشعائر، العبودية تشمل الأخلاق والآداب والنظم والقوانين وكل الحياة.

لا يخفى على أحد الكراهية التي نحملها للطغاة، لكن أوجه اللوم للناس الذين مكنوا الطاغية من أن يصبح طاغية، أي بقبولهم ما ينفذه من سياسات وما يتبعه من أساليب لإدامة سلطته، وتشديد قبضته عليها، فالعبودية الطوعية تقوم من جراء رضوخ الناس لسلطة الطاغية، وقبولهم تنفيذ أوامره وقوانينه، فكما أن الناس هم مصدر السلطة فإنهم أيضاً مصدر العبودية.

السبب الأول للعبودية، أو لاستمرارها، هو الفقر، لأن الفقر يدفع الناس إلى أن يبيعوا أنفسهم في الساحات العامة.

العبودية بالفعل حاضرة منذ الأزل إلا أنها مقيتة وبغيضة، ويسعى الناس إلى محاربتها والتمرد عليها والتخلص منها، لأن البشر بطبيعتهم يعشقون الحرية، ويقاس تطور المجتمعات بمدى مقدرتها على منح الحريات للأفراد والجماعات.

إن الإنسان بعد أن كان عبدا للإنسان في عصر العبودية، وبعد أن كان عبدا للأرض في عصر الإقطاع،  وبعد أن كان الناس ينقسمون إلى سادة وعبيد في عصر العبودية المطلقة، وإلى ملوك ونبلاء وفلاحين في عصر الإقطاع، لا زالت بعض جوانبها مستمرة إلى يومنا هذا.

اقتبس بعض ما كتبه لا بويسي قبل اقل من خمس مئة عام من تحليل لنفسية وأسلوب الطاغية في الحكم، وما هي عليه حالة الشعب عند القبول بالاستعباد والاستسلام للطاغية، أو عند الثورة عليه، تؤكد بان صفات الطغاة وممارساتهم واحدة في كل الأزمان، مثلما أن الحرية "هي المقدس الزمني للبشر"  كما يقول المفكر ريموند بولين.

ولأن الحكام المستعبِدين يفتقدون شرعية الهية، فإنهم يسعون لخلق الرهبة في نفوس المستعبَدين، وذلك بتسويق أنفسهم بشكل يميزهم عن باقي المحكومين، فهم الضامنون للأمن والاستقرار والعيش والشفاء والحق، وبدونهم تتوقف الحياة، فلا فكرة ولا اقتراح ولا مبادرة أفضل وأنجع من فكرتهم واقتراحهم ومبادرتهم.

إن المستبد لا يصير مستبدا إلا عندما يملك الرغبة في التسلط ويملك الآخرون الاستعداد للاستعباد

فالحرية تأتي دائما في المقدمة وفق أولويات التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، والأدلة على ذلك كثيرة، من أهمها أن اعتناق الإسلام يجب أن يأتي نتيجة اختيار حرّ، بدليل قوله تعالى)): لَا إِكْرَ‌اهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّ‌شْدُ مِنَ الْغَيِّ() "البقرة 256".

بهذا نعلم أن الإسلام يتشوق إلى الحرية ويتطلع إليها، وتشريعاته تتضمن ذلك، وتعلم الطريقة التي يريد الإسلام أن يقضي بها على العبودية، بدون قسر ولا قهر ولا تداعيات وآثار سلبية،والله أعلم.

وفي النهاية نتمنى أن ينعم الجميع، بالعزة والكرامة والحرية الحقيقية، ألا وهي حرية الأحرار وليست حرية العبيد.

 

 

الاسم: أيمن هشام عزريل
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق