أين نحن من
دولة القانون
بقلم: أيمن هشام عزريل
يتفق عموم الناس بجميع أصنافهم على
أن النظام والأمن أساس الحياة الهادئة، ولبنة مهمة في طريق البناء الصحيح، على الرغم من أننا عانينا طويلا ـ وما زلنا ـ بانشغال
معظم المثقفين عن حياتنا العامة، وانشغالهم بقضاياهم الخاصة، وما نجم عن ذلك من
خلو الساحة للمهرجين والمشعوذين وأدعياء العلم والدين ليعيثوا فسادا في بلادنا،
ويضروا بها ضررا بالغا.
سيادة القانون أهم ركن من
أركان الدولة، وهو الضمانة الحقيقية للمسيرة الديمقراطية وأمن الـمواطن واستقرار
الدولة الذي يفترض أن يطبق بكل حزم وعدالة .
الحديث عن القانون يأخذ جانبا مهما من عملية
بناء الدول المتقدمة، ويعد مرتكزا أساسيا لتثبيت القواعد الصحيحة لهيكلة الدولة،
والمقصود بالقانون هنا ما بني على أساس المهنية والتطبيق المستقل لتعليماته.
إن دولة القانون تعني أيضا دولة مدنية حديثة "بالمعنى
الثقافي والسياسي العملي" تقوم على مبدأ المساواة أمام القانون في الحقوق
والواجبات, ولا احد فوق القانون, تعني انفصال مؤسسات الدولة عن شخص الحاكم
واكتسابها طابع قانوني لا شخصي.
الفرق بين دولة قانون ودولة
يسيرها مزاج الحاكم السلطان ومزاجه، هو الفرق بين رئيس يخضع للرقابة والمحاسبة
والمساءلة ويصعد للحكم ابتداء بالاختيار الحر للشعب، ورئيس يغتصب السلطة ويعمل
بمقولة لويس السادس عشر " أنا الدولة والدولة أنا" ويختطف البلد، ويصبح
استرجاعها من بين يديه ومخالبه مهمة شاقة ومتعبة ومكلفة، تماماً كحال طائرة مختطفة
بركابها من قبل إرهابي مجنون ومفخخ ويهدد المركبة بمن فيها، وما الدماء التي سالت
من طرابلس إلى صنعاء، ودمشق التي لا زالت غارقة فيها إلا ملمح من ملامح هذا الثمن
الفادح للتحرر من الديكتاتورية وسلاطين العصر الحديث.
في ظل دولة القانون والمؤسسات،
فإنه لا يستطيع أي مسئول ( أيا كان مركزه الوظيفي)، أن ينشئ شركة خاصة (وهمية)، أو
منظمات بمسميات إنسانية ليتكسب منها، لأن المؤسسات والقانون لن يسمحا بذلك .
وكما هو معروف فالقناعة التي تتولد لدى الإنسان
تكون كالوتد الثابت، والمرتكز المتجذر لبناء باقي أفكاره وأطروحاته.
قد يرى البعض الفكرة صعبة المنال، لكنها ليست
بالمستحيلة، بل قد تحقق نتائج اكبر بكثير مما حققه منطق السلاح، وخير مثال على ذلك
اليابان، التي يعترف الجميع بتقدمها ورقيها في جميع الميادين، بعد أن شهدت حروب،
إلا إنها حولت الهزيمة العسكرية إلى نجاح سياسي واقتصادي، وقبل ذلك كله نجاح
ديمقراطي وقانوني، بحيث أصبح القانون والأنظمة لديهم بمثابة (شريعة مقدسة) لا يمكن
تجاوزها احتراما لبلدهم وأنفسهم.
دولة القانون والحكم الجيد
ليست حلماً وخيالاً، وليست لغزاً، بل يمكن تحقيقها، من خلال الالتزام والعمل
والحكم الجيد من الشارع إلى السلطة.
من اجل
تثبيت أسس دولة تنعم بالحرية، ومهيأة للعيش بنظام ديمقراطي تعددي حر، لا بد
من العمل بجدية، من أجل الأعمار والبناء والتخلص من المفسدين، داخل الجهاز
التنفيذي العام، ورسم سياسية بعيدة الأمد، حيث إن إكمال مسيرة الانجازات يتم عبر
الالتزام بالأولويات، وثقافة القانون هي في صدر هذه الأولويات، ليكون (القانون فوق
الجميع) واقعا لا شعارا فقط.
الاسم: أيمن هشام محمود عزريل
جوال رقم: 0599549301
E-mail: uzrail@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق