الثلاثاء، 2 يوليو 2013

سراب النجومية الزائف



سراب النجومية الزائف
بقلم: أيمن هشام عزريل
تأتي النجومية نتيجة إبداعات كثيرة، ولها مجالات متعددة ومفاهيم مختلفة في الحياة، مثل الفن والأدب والرياضة والعلوم والسياسة وغيرها من المجالات، ولبلوغ السلم بجدارة وامتياز يتطلب توفر الموهبة الحقيقية والكفاءة عند الشخص للتميز والعطاء الإبداعي ليكون نجما، وقد ساهم إنشاء الفضائيات مع نشاط الدعاية والإعلان، وشركات الاتصال، ما يصح أن نسميه تزاوج المال والإعلام، جنبا إلى جنب مع تزاوج المال والسلطة، وتزاوج المال والتعليم، في مشاريع وإن كانت مشروعة في ظاهرها، إلا أن هذه الزيجات أسفرت عن معادلات جعلت تربية النشء في آخر اهتمامها حين جعلت الاعتبار الأول للتصويت عن طريق شركات الاتصال، وحين رصد لهذه البرامج رأس مال ضخم ليس لإنشاء جامعة علمية أو عسكرية أو أكاديمية للفنون ترعى الموهوبين، وإنما أنفق هذا المال في ديكورات ضخمة  تخطف الأبصار، وتأخذ بمجامع القلوب، أعني قلوب من شغلت هذه البرامج ليلهم ونهارهم، كما يظهر واضحا في حجم دقائق الدعاية والإعلان لهذه البرامج لصالح الشركات الراعية، تلك الإعلانات التي تشكل فواصل صارمة وملحة على سمع المشاهد وبصره، ويظهر ذلك بشكل صارخ في استقطاب لجان تحكيم من النجوم تتصدر هذه البرامج بصورة – وإن حاولت إكسابها طابعا أكاديميا- تكشف عن وجهها الحقيقي حين لا يسمع المشاهد نقدا جادا، فمن مقاطعة أعضاء اللجنة أحدهم للآخر، وأصوات ضحكاتهم حين تعلو، إلى خروج عن موضوع البرنامج الهدف، الأمر الذي يفقد هذه البرامج الكثير من هيبتها، فكفى بها من فتنة! حين تتصدر صورة نجم وعلم بلاده في وجه صورة نجم آخر وعلم بلاده أيضا، ولا أنسى حين اختلفت معلمتان (وليس تلميذتان) في واحدة من المدارس، تنتمي أولاهما لبلد أحد المتسابقين، فيما تنتمي الثانية إلى بلد متسابق آخر، ولنا أن نتخيل انعكاس ذلك على بقية الموظفين في هذه المؤسسة أو تلك من مختلف الجنسيات، وأي رسالة يمكن أن يحملها مثل هذا الخلاف.
على أن الأمر الأكثر خطورة هو الرسالة التي تحملها هذه البرامج للنشء حين يجدون بعض رفاقهم يتصدرون الفضائيات دونما إنجاز حقيقي، فما يقدم ليس أكثر من تقليد لمطربة أو مطرب رحل أو ما زال حيا يرزق، فما الذي يلقى في روع الشاب/الشابة المتلقيين حين يصبح أحد رفاق الدرس نجما طارت بأخباره الركبان في غضون أشهر قلائل، وهي نجومية صنعتها أم كلثوم - مثلا- في نحو سبعين عاما؟ أي قيمة تبقى بعد ذلك للدرس والبحث والتحصيل، إننا في عصرِ السرعة في كل شيء، في إيقاع الحياة، والاتصال، والشهرة والنجومية التي تتمخض عن نجم يشبه فقاعة صابون تكبر وتطير في الأفق لتتلاشى، وتبدأ الكرة من جديد مع نجوم آخرين، تلك النجومية الزائفة التي تدعو إلى استسهال كل شيء طالما أن المال – وليس الموهبة أو العلم - هو السيد والحكم والنصير.
ولو تأملنا واقع صناعة النجومية، في خضم الانفتاح الكوني والمد الاتصالي الهائل الذي أحدثته ثورة المعلومات والتقنيات التكنو الكترونية التي يعشيها العالم اليوم، في اختصار المسافات وتقليص الزمن للتعرف على منجزات الشعوب وإبداعاتها والتي أصبحت تفخر بنجومها وأبطالها الذين ساهموا في التعريف ببلدانهم، بل تمكنوا من دعم الاقتصاد والمساهمة في حملات إنسانية على المستوى المحلي أو العالمي، فالبعض يتم اختيارهم من قبل المنظمات الدولية ليكونوا سفراء للسلام والطفولة والتنمية لما لهم من حضور لدى الأوساط الشعبية الواسعة.
إن صناعة النجومية قد أضحت اليوم مجالا احترافيا مهما تقف وراءه مؤسسات وإدارات تضع الخطط والأهداف وتوفر الآليات والإمكانات والوسائل التي من شأنها أن تساهم جميعا في احتضان المواهب وتنميتها وإطلاقها في الوقت المناسب لتغدو أرقاما مهمة في دائرة التنافس والتميز والعطاء الذي يلفت الانتباه ويحقق التأثير لدى الجمهور، وهذا يتطلب منا أن نعي أولا أهمية صناعة نجوم الوطن واحتضان الطاقات والكفاءات المبدعة وندرك أهمية الاستثمار في التنمية الإبداعية والبشرية لان التطور في المجالات كافة يعتمد على أصحاب المواهب من المبدعين الذين يضعون عطاءهم وانجازهم في خدمة الوطن، لتتضافر الجهود ونعيد النظر بحماية المواهب الوطنية ورعايتها ونقول كفى هدرا لهذه المواهب الحقيقية الثمينة والطاقات الإبداعية، إن بلدنا يزخر بالمواهب المميزة وفي مختلف التخصصات ولكن لم تجد هذه الطاقات طريقها نحو التألق والحضور ولم تأخذ فرصتها من الاهتمام ويبقى السؤال قائما متى نجيد صناعة النجم في بلدنا؟















الاسم: أيمن هشام محمود عزريل
جوال رقم: 0599549301
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق