الثلاثاء، 11 يونيو 2013



تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

بقلم: أيمن هشام عزريل
هو عنوان رائــع، يجسد حالات الكثير منا حرفيا وشخصيا في حياتنا اليومية الدنيوية، هي حقيقة لا يمكننا التغاضي عنها أو إخفائها بل على العكس تماما علينا تقبلها، هي حقيقة لا يمكننا أن نغفل عنها.
يواجهها معظم الناس تقريبا، لا بل كل الناس، فلا يوجد مخلوق على هذه الأرض، هو راض بحاله تماما، وليس هناك من في هذا الكون بأسره قد حصل على كل ما يتمناه و يشتهيه، فكم من غني حصل على كل ما تمناه من أشياء مادية، يلبس من أفخر أنواع الملابس، يأكل من شتى أنواع المأكولات والمشروبات، ولكن تراه فاقداً للحب، أو فاقداً للاستقرار والطمأنينة، أو فاقداً للراحة والهنــاء، والعيش في حياة عادية.
وكم من فقير، محبٍ للجميــع، الحب يملأ المنزل، رحيم بأبنائه عطوفٍ عليهم، محبٍ للخير دائما، ولكن للأسف لا يستطيع توفير لقمة العيش لهم، وهكذا هو الحــال، فليس هناك امرئ حصل على كل شيء في حياته، ولكن جميعنا يمكننا أن نرضى بحالنا مهما كانت.
كل إنسان في هذه الحياة، لا يستطيع أن يدرك ما يتمناه، قد نكون منذ الصغر نحلم ونحلم، ربما يكون حلمنا يكبر معنا، إلى أن يأتي اليوم، الذي نفتخر بأننا حققنا ذلك الحلم (حلم الطفولة)، ولكن قد نكبر يوما، ونرى أننا عاجزين كل العجز عن تحقيق حلم واحد، من تلك الأحلام، وهنا ندرك بأن الحياة قسمة ونصيب، ولأجل أن نستمر بحياة سعيدة بعيدة عن الحزن واليأس، علينا أن نكتفي بما كتبه الله لنا من هذه الحياة الرائعة.
لو أن كثير من الناس أدرك المعنى والهدف الحقيقي من وراء ذلك العنوان، لقلت حالات الاكتئاب والتشاؤم والأمراض النفسية، التي يعاني منها الكثير من الناس، والتي باتت تعصف بأركان بيوت كثيرة، انتشرت فيها حالات
التفكك الأسري والطلاق وغيرها من المشاكل، بل أصبحت من سمات حاضرنا المرير، ولاتسعت آفاقهم لما هو أهم وأجدى من البكاء على الأطلال، وتذكر أحلام أو أمان، قد تكون الخيرة في عدم تحققها، لأنه لا يطلع على الغيب إلا الله، وهو أدرى بما هو أفضل، وأجدر لنا نحن الضعفاء الذين لا نملك سوى التذمر، والشكوى من ظلم الناس ومرارة الأيام.    

نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب

ولو نطق الزمان لنا هجانا

فلو وقفنا وقفة عند أمنيات شبابنا وفتياتنا، فماذا يا ترى سوف نسمع؟: الصنف الأول، يقول ( أتمنى أن أكون غنية ، أتمنى أن أكون لاعب مميز، أتمنى أن أكون مطربه لامعة، أتمنى أن أكون مذيعة ، ممثلة ، وغيرها كثير )، من تلك الأماني التي تحقر النفس وتذللها، صنف آخر، يتمنى أمنيات طيبة ولكن لا يصل إليها فيسخط ويسب ويلعن، فما أجمل أن نصبغ ما نتمنى بالأمل، و نعطر أحلامنا بفأل حسن، ونتوج أهدافنا بحسن الظن بالله جل وعلا، ساعين في ذلك بالعمل، وصدق التوكل، والأخذ بالأسباب، وبذل الجهد، ونغرس روح الفأل الحسن في نفوس النشء، فينطلقوا في أحلامهم متعبدين لله بحسن ظنهم به، وثقتهم بتيسيره، وخصوصا في المواطن الذي تضعف فيها همته وتذبل فيه حماسته.
إن الإيمان بالله، ثم نظرة الإنسان الإيجابية للحياة، وتفكيره الواقعي، وقناعاته الشخصية هي التي تسهم في تحقيق مبتغاه، لذا علينا في حالة عدم تحقق أحد الأهداف، أن نسعى لتحقيق أهداف أخرى، وان لا نقف عند هدف واحد، إن فشلنا في تحقيقه، كأن الزمن توقف عنده، بل علينا أن نضع هدفا كبيرا، ونقسمه إلى أهداف صغيرة، نسعى لتحقيقها، فإن لم يتحقق أحدها، سعينا لتحقيق الآخر، فالحياة كفاح مستمر، كما يجب أن لا تكون نظرتنا ضيقة، ونتقوقع على أنفسنا، فالفشل في رأيي هو بداية النجاح، إذ علينا أن نتعلم من أخطائنا، وأن لا نرمي تلك الأخطاء على الزمان، أو الحظ أو الناس لنريح أنفسنا من تحمل المسؤولية، في جعل تلك الأشياء، بمثابة شماعة نعلق عليها أخطاءنا، بل إن منتهى القوة أن نعترف بأخطائنا ونستفيد من هذه الأخطاء، لتفادي الوقوع فيها مستقبلا، يجب علينا الصمود كالجبال في وجه الرياح لا يهزها شيء، وأن يكون إيماننا بالله قويا، ولنعلم أن قضاء الله وقدره كائن لا محالة، فالواجب على العبد أن لا يضجر ولا يحزن لعدم تحقيق كل ما يتمناه بل يقول: الخير فيما اختاره الله، فإن حصل المطلوب حمد الله، وإن لم يتحقق المطلوب يحمد الله كذلك ، وليرجوه أن يكون صرفه خيرا له .
يقول عمــر بن عبد العـزيـز -رضى الله عنه-: (إن لي نفسا تواقة، ما تمنت شيئا إلا نالته، تمنت الإمارة فنالتها وتمنت الخلافة فنالتها، وأنا الآن أتوق للجنة وأرجو الله أن أنالها .(








الاسم: أيمن هشام محمود عزريل
جوال رقم: 0599549301
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق