الثلاثاء، 4 يونيو 2013



مرض العنجهية لدى الزعماء العرب
بقلم: أيمن هشام عزريل
العنجهية سلوك سلبي ومرض مستعص مواز لأساليب الزعامات التقليدية، وهي من مخلفات الرجعية والإقطاعية، وهو تعصب الشخص لرأيه وفكره، تحاول إقناعه وتغيير أفكاره، ولكنك تصطدم بعقلية متحجرة، لا تحيد عن فكره تشربها، وقرر عقله الباطن التمسك بها مدى الحياة، مثل هؤلاء المتواجدين في كل مكان، نجدهم أقرب ما يكونوا للعميان، حيث أن جميع الطغاة في العالم، قديما وحديثا، قاموا بإشاعة الرعب في نفوس العامة من الناس من خلال رسم شخصية أسطورية لهم بواسطة إعلامهم، وعبر العقاب الشديد الذي يتلقاه كل من تجرأ على الاقتراب من شخص الطاغية بالنقد أو التجريح أو السخرية، فذلك خط أحمر، قد يتسبب بقتل أو سجن أو التنكيل بكل من اقترب منه أو حاول تجاوزه.
وقد ابتليت منطقتنا العربية بزعامات قيادية لم تجني منها الأمة العربية، سوى الويلات كل الويلات على كل المستويات وعلى كافة الصعد، فلقد تأخرت الكثير من البلدان العربية وعلى كثير من المواقع من التقدم وتحقيق القفزات النوعية، والمادية التي تمتلكها بلدان أمتنا العربية، وعلى مدى أكثر من ثلاث عقود من الزمان بطريقة عنجهية.
وهناك بعض الأمثلة والدلالات، على خوف الحاكم ورعبه من تهكم وسخرية الناس أو الشعراء والفنانين من أي خطوة حمقاء يرتكبها هذا الحاكم، ففي عام 1955، أثناء إنشاء حلف بغداد المعروف لمواجهة الخطر السوفياتي، قدِم جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركي لإقناع عبد الناصر بالانضمام للحلف، فبادره الأخير مستغربا: كيف أدخل في حلف لمواجهة ما تقولونه خطر يبعد عن مصر آلاف الأميال في وقت ما زال فيه العلم البريطاني مرفوعا على الأرض المصرية…؟، أجابه دالاس، المسألة بسيطة، في حين تنضم إلى الحلف، نقوم بإنزال العلم البريطاني ورفع علم الحلف مكانه…! قال له عبد الناصر، أتعرف، لو أنني فعلت ذلك لأماتني الشعب المصري في اليوم التالي من النكات تهكما وسخرية.
ولا ننسى أن رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي الذي اغتيل، قد تلقى العديد من التحذيرات والتهديد بالقتل، من قبل العديد من الرؤساء العرب بسبب سخريته منهم والتهكم عليهم من خلال رسوماته الكاريكاتورية اللاذعة.
طاغية سوريا حافظ الأسد، أسس منذ انقلابه عام 1970 نظاما أمنيا وعسكريا ومخابراتيا، ناشرا الرعب والخوف في قلوب الشعب السوري ومناوئيه من خلال السجن وإنزال أقصى أنواع التعذيب بهم، واعتماد أسلوب الاغتيالات والتصفيات الجسدية لمعارضيه دون رحمة أو هوادة، بدءا برفاقه بحزب البعث.
في العام 1980 وجد ألمع الصحفيين اللبنانيين سليم اللوزي، الذي كان يهاجم نظام الأسد عبر مقالاته مقتولا في منطقة مهجورة، وقد أذيبت يده اليمنى بالأسيد وغرست أقلام الحبر في أحشائه من المؤخّرة.
ولو قمنا بعملية تدقيق وتمحيص، في الأسباب التي أدت إلى أن تكون هذه القيادة متصفة بصفة العنجهية، فسوف تكون النشأة في مقدمتها بل من أهمها، ذلك لأن القائد عندما ينشأ ببيئة موبوءة بأنواع شتى من الأوبئة المجتمعية، سوف تكون النتيجة حتمية بأن القائد سيكون موبوء، والتي تتجسد في مجموعة من القرارات و السياسات التي يصدرها ويلجأ إليها، وهذه هي حقيقة من حقائق علم الاجتماع والتي ركز بها هذا العلم، على موضوع البيئة وما تحوي ونتيجتها في سلوكيات الإنسان في مسيرته الحياتية.


قال علي ابن أبي طالب : "ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر، إلا نقص من عقله"، أي شي نذكر وأي شي ننسى من العنجهية، وما حوت من فقر فكري وروحي وقبلها فقر مادي عشنا فيه، والتي انعكست سلبا علينا وعلى الأمة برمتها.



















الاسم: أيمن هشام محمود عزريل
جوال رقم: 0599549301
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق