فضل العمل
الدائم عن العمل المنقطع
بقلم: أيمن هشام عزريل
من
أهم الأولويات التي ينبغي التركيز عليها في العمل، الاهتمام بالعمل الدائم عن
العمل الذي قد يقل وينقطع أحياناً، ولا شك أن ذلك أفضل معنوياً، وأفضل للرقى بالأعمال
التي نقوم بها، والناظر في السنة النبوية الشريفة يجد أحاديث تعطى أولوية للعمل
الدائم وإن قل على العمل المنقطع.
فحاجة المسلم ماسة إلى معرفة أقرب الطرق الموصلة إلى الجنة، وأحب الأعمال
إلى الله، فالأعمال الصالحة كثيرة، والمشاغل كثيرة، والهمم قاصرة، فتجد من
الناس من يشعر بتقصيره نحو اتصاله بالله وعبادته له، فإذا ما استيقظ من غفلته ووعى
على نفسه أخذ بالأعمال الصالحة الواحدة تزاحم الأخرى، فتجده يسرد الصوم، ويحاول أن
يختم القرآن، ويطيل قيام الليل، ويكثر من الذكر، فيملأ الأسبوع الأول من النشاط
الإيماني من الأعمال الصالحة.
بالإضافة
إلى الانقلاب المفاجئ في تعامله مع الناس، فتجده واعظا إذا ما عامل الناس تبدو عليه
الحرقة على هذا الدين، وغالب وقته منقطعا عن الآخرين بحجة أنه فرّط كثيرا في حق
الله، وما يمضي الأســبوع الأول حتى تهبط النسبة، وما يمضي عدة أسابيع على هذا
النشاط الذي أخذ ضوءه يخبو يوما تلو يوم حتى تعود النسبة على ما كانت عليه سابقا،
هذا إن لم يفقد شيئا جديدا مما كان يفعله قبل.
وفي
الحقيقة التي لا ينبغي أن أغفلها، أن هذه الآفة لا تعتري عامة الناس فحسب، بل ولا
حتى فقط طلبة العلم، بل كثير من عامة الناس، فأقول لمن كان هذا فعله ما يأتي فجأة
يذهب فجأة، وأنا لا أريد في هذا المقال أن أضرب أمثلة تكون بعيدة عن الواقع، أو أن
أسرد كثيرا من النظريات الحديثة والتي تتكلم عن تربية الذات، بل سأتكلم عن تجربتي
الشخصية في ذلك وأرجو أن توفي بالغرض وأخذت الأيام تمضي والشهور بل والسنين وأنا قليل
ما أذكر الله في غير الصلوات، بعيد عن القرآن إلا في رمضان، بل كانت تمضي الشهور،
لا أدرك تكبيرة الإحرام فضلا على أن أصلي في الصف الأول ...الخ، وكانت لي نزوات إيمانية
لكنها كانت قليلة الفاعلية، فقمت أبحث عن حل لهذا الإشكال ... فصممت أن أترك هذا
الأسلوب، وأن أنتهج أسلوب أنجع في علاج هذه الآفة، فبدأت أقرأ صفحة واحدة من كتاب
الله في اليوم، وأن أقول سبحان الله وبحمده مئة مرة في اليوم قبل المغيب طمعا في
المغفرة، كما جاء في الأثر، ولا أخفيكم كم كنت خجولا من نفسي، وأنا أقرأ صفحة
واحدة فقط، وأن تكون بهذا العدد، لكنني مضيت على هذا الطريق، راجيا أن أصل لعدد
أكثر، وبرمجت نفسي بأن أزيد كل شهر شيئا قليلا وبسيطا ولا أرهق نفسي، وبعد عدة
أشهر تعودت على الصفحة والصفحتين، حتى بلغت خمس صفحات يوميا أقرأها بعد صلاة
العصر، وتتابعت الختمة تلو الأخرى، وكذلك ذكر الله صارت سبحان الله وبحمده أمر
مسلم به، بل وهناك استغفار كثير والباقيات الصالحات في كل صباح مئة مرة... ما هذا
؟ أنا أفعل هذا !...هل صرت فعلا ممن يذكر الله كثير ويسبحه كثيرا، أما الصلوات
فبادئ ذي بدء أخذت على عاتقي أن لا يفوت يوم علي ولا أدرك ولو لصلاة واحدة، واليوم
ولله الحمد غالب صلواتي أدركها كاملة، فاستفدت مما خططت لنفسي ووصلت لنتيجة مذهلة،
وهي أن العمل الدائم أفضل من العمل المنقطع، عن عائشةَ أنَّ رسولَ الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - سُئِل: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: ((أدوَمُه وإنْ قلَّ))، نسأل الله
لنا ولكم الثبات على دينه، والحمد لله رب العالمين.
الاسم: أيمن هشام محمود عزريل
جوال رقم: 0599549301
E-mail: uzrail@hotmail.com
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق